جامع بيان العلم وفضله - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ١٥٢
لم يزه عليه حتى كان هذا الزمان فصار الرجل يعيب من هو فوقه ابتغاء أن ينقطع منه حتى يرى الناس أنه ليس به حاجة إليه ولا يذاكر من هو مثله ويزهى على من هو دونه فهلك الناس قال أبو عمر هذا باب قد غلط فيه كثير من الناس وضلت به نابتة جاهلة لا تدري ما عليها في ذلك والصحيح في هذا الباب أن من صحت عدالته وثبتت في العلم أمانته وبانت ثقته وعنايته بالعلم لم يلتفت فيه إلى قول أحد إلا أن يأتي في جرحته ببينة عادلة تصح بها جرحته على طريق الشهادات والعمل فيها من المشاهدة والمعاينة لذلك بما يوجب قوله من جهة الفقه والنظر وأما من لم تثبت إمامته ولا عرفت عدالته ولا صحت لعدم الحفظ والاتقان روايته فإنه ينظر فيه إلى ما اتفق أهل العلم عليه ويجتهد في قبول ما جاء به على حسب ما يؤدي النظر إليه والدليل على أنه لا يقبل فيمن اتخذه جمهور من جماهير المسلمين إماما في الدين قول أحد من الطاعنين أن السلف رضوان الله عليهم قد سبق من بعضهم في بعض كلام كثير في حال الغضب ومنه ما حمل عليه الحسد كما قال ابن عباس ومالك بن دينار وابن حازم ومنه على جهة التأويل مما لا يلزم تقليدهم في شيء منه دون برهان ولا حجة توجبه ونحن نورد في هذا الباب من قول الأئمة الجلة الثقاة السادة بعضهم في بعض ما لا يجب أن يلتفت فيهم إليه ولا يخرج عليهم ما يوضح لك صحة ما ذكرنا وبالله التوفيق حدثنا أحمد بن محمد حدثنا أحمد بن الفضل قال حدثنا محمد بن جرير قال حدثنا أبو كريب قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن مغيرة عن حماد أنه ذكر أهل الحجاز فقال قد سألتهم فلم يكن عندهم شيء والله لصبيانكم أعلم منهم بل صبيان صبانكم حدثنا خلف بن أحمد حدثنا أحمد بن سعيد حدثنا محمد بن أحمد حدثنا ابن وضاح حدثنا ابن أبي مريم حدثنا نعيم حدثنا سفيان بن عيينة قال قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن الزهري لو جلست للناس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في بقية عمرك قال فقال رجل للزهري إما أنه ما يشتهى أن يراك قال فقال الزهري إما أنه لا ينبغي أن أفعل ذلك حتى أكون زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة وروينا عن ابن شهاب إنه قيل
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»