جامع بيان العلم وفضله - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ١٠٦
أخطأتم وضللتم وتركتم الحق أخبروني عن الدين أواحد أو اثنان قالوا إبل واحد قال فليسعكم في دينكم شيء يعجز عني قالوا لا قال أخبروني عن أبي بكر وعمر ما حالهما عندكم قالوا أفضل أسلافنا أبو بكر وعمر قال ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما توفي ارتدت العرب فقاتلهم أبو بكر فقتل الرجال وسبى الذرية والنساء قالوا بلى قال عمر بن عبد العزيز فلما توفي أبو بكر قام عمر رد النساء والذراري على عشائرهم قالوا بلى قال عمر فهل تبرأ عمر من أبي بكر ولعنه بخلافه إياه قالوا لا قال فتتولونهما على اختلاف سيرتهما قالوا نعم قال عمر فما تقولون في بلال بن مرداس قالوا من خير أسلافنا بلال بن مرداس قال أفلستم قد علمتم أنه لم يزل كافا عن الدماء والأموال وقد لطخ أصحابه أيديهم في الدماء والأموال فهل تبرأت احدى الطائفتين من الأخرى أو لعنت إحداهما الأخرى قالوا لا قال فتتولونهما جميعا على اختلاف سيرتهما قالوا نعم قال عمر فأخبروني عن عبد الله بن وهب الراسبي حين خرج من البصرة هو وأصحابه يريدون أصحابكم بالكوفة فمروا بعبد الله بن خباب فقتلوه وبقروا بطن جاريته ثم عدوا على قوم من بني قطيعة فقتلوا الرجال وأخذوا الأموال وغلوا الأطفال في المراجل وتأولوا قول الله إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ثم قدموا على أصحابهم من أهل الكوفة وهم كافون عن الفروج والدماء والأموال فهل تبرأت إحدى الطائفتين من الأخرى أو لعنت أحداهما الأخرى قالوا لا قال عمر فتتولونهما على اختلاف سيرتهما قالوا نعم قال عمر فهؤلاء الذين اختلفوا بينهم في السيرة والأحكام لم يتبرأ بعضهم من بعض على اختلاف سيرتهم ووسعهم ووسعكم ذلك ولا يسعني حين خالفت أهل بيتي في الأحكام والسيرة حتى ألعنهم وأتبرأ منهم أخبروني عن العن أفرض على العباد قالوا نعم قال عمر لأحدهما متى عهدك بلعن فرعون قال مالي بذلك عهد منذ زمان فقال عمر هذا رأس من رؤوس الكفر ليس لك عهد بلعنه منذ زمان وأنا لا يسعني العن من خالفتهم من أهل بيتي وذكر تمام الخبر قال أبو عمر هذا عمر عبد العزيز رضي الله عنه وهو ممن جاء عنه التغليظ في النهي عن الجدال في الدين وهو القائل من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل ولما اضطر وعرف الفلج في قوله ورجبيء أن يهدي الله به لزمه البيان
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»