جامع بيان العلم وفضله - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ١١٧
وإن كان أصغر فقد جمع علم من هو فوقه إلى علمه فهو أبصر بما أخذ واعلم بما ترك قيل له وكذلك من تعلم من معلمك فقد جمع علم معلمك وعلم من فوقه إلى علمه فيلزمك تقليده وترك تقليد معلمك وكذلك أنت أولى أن تقلد نفسك من معلمك لأنك جمعت علم معلمك وعلم من فوقه إلى علمك فإن أعاد قوله جعل الأصغر ومن يحدث من صغار العلماء أولى بالتقليد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك الصاحب عنده يلزمه تقليد التابع والتابع من دونه في قياس قوله والأعلى الأدنى أبدا وكفى بقول يؤول إلى هذا قبحا وفسادا قال أبو عمر وقال أهل العلم والنظر حد العلم التبيين وادراك المعلوم على ما هو به فمن بان له الشيء فقد علمه قالوا والمقلد لا علم له ولم يختلفوا في ذلك ومن ههنا والله أعلم قال البختري عرف العالمون فضلك بالعلم وقال الجهال بالتقليد وأرى الناس مجمعين على فضلك من بين سيد ومسود وقال أبو عبد الله بن خويز منداد البصري المالكي التقليد معناه في الشرع الرجوع إلى قول لا حجة لقائله عليه وذلك ممنوع منه في الشريعة والاتباع ما ثبت عليه حجة وقال في موضع آخر من كتابه كل من ابتعت قوله من غير أن يجب عليك قوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده والتقليد في دين الله غير صحيح وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه والاتباع في الدين مسوغ والتقليد ممنوع وذكر محمد بن حارث في اخبار سحنون بن سعيد عن سحنون قال كان مالك بن أنس وعبد العزيز بن أبي سلمة ومحمد بن إبراهيم بن دينار وغيرهم يختلفون إلى ابن هرمز فكان إذا سأله مالك وعبد العزيز فتجيبهما وأسألك أنا وذوي فلا تجيبنا فقال أوقع ذلك يا بن أخي في قلبك قال نعم إني قد كبرت سني ورق عظمي وأنا أخاف أن يكون خالطني في عقلي مثل الذي خالطني في بدني ومالك وعبد العزيز عالمان فقيهان إذا سمعا مني حقا قبلاه وإذا سمعا خطأ تركاه وأنت وذووك ما أجبتكم به قبلتموه قال محمد بن حارث هذا والله هو الدين الكامل والعقل الراجح لا كمن يأتي بالهذيان ويريد أن ينزل من القلوب منزلة القرآن قال أبو عمر يقال لمن قال بالتقليد لم قلت به وخالفت السلف في ذلك فإنهم لم يقلدوا فإن قال قلدت لأن كتاب الله جل وعز لا علم
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»