التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢١ - الصفحة ٥٥
وروى بكر بن خنيس عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تسافر امرأة في الإسلام مسيرة بريد إلا مع زوج أو ذي محرم فحصل حديث سهيل في هذا الباب مضطربا في إسناده ومتنه وقد روى سفيان بن حمزة عن كثير بن زيد عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا نساء المؤمنات لا تخرج امرأة مسيرة ليلة إلا ومعها ذو محرم وقد اضطربت الآثار المرفوعة في هذا الباب كما ترى في ألفاظها ومحملها عندي والله أعلم أنها خرجت على أجوبة السائلين فحدث كل واحد بمعنى ما سمع كأنه قيل له صلى الله عليه وسلم في وقت ما هل تسافر المرأة مسيرة يوم بلا محرم فقال لا وقيل له في وقت آخر هل تسافر المرأة مسيرة يومين بغير محرم فقال لا وقال له آخر هل تسافر المرأة مسيرة ثلاثة أيام بغير محرم فقال لا وكذلك معنى الليلة والبريد ونحو ذلك فأدى كل واحد ما سمع على المعنى والله أعلم ويجمع معاني الآثار في هذا الباب وإن اختلفت ظواهرها الحظر على المرأة أن تسافر سفرا يخاف عليها الفتنة بغير محرم قصيرا كان أو طويلا والله أعلم ومن حجة من ذهب في هذه المسالة مذهب أبي حنيفة أن الثلاثة الأيام سفر مجتمع على تقصير الصلاة فيه والأصل في الصلاة التمام باليقين فالواجب أن لا تقصر إلا بيقين واليقين ما أجمعوا عليه في الثلاثة الأيام لأن ما دون ذلك مختلف فيه وهو قول ابن عليه وهذا وإن كان نظرا واحتياطا فليس بجيد من طريق الاتباع وأولى ما قيل في هذا الباب من طريق الاتباع مذهب ابن عمر وابن عباس وأهل المدينة والشافعي والله الموفق للصواب وقال الأوزاعي عامة العلماء يقولون يقصر المسافر في مسيرة اليوم التام قال وبه نأخذ وفي هذا الباب شذوذ تركنا حكايته تعلق به داود
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»