التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢١ - الصفحة ٥٢
فربما قال إنما المؤمنون إخوة (58) ويقول رب من ليس بمحرم أوثق من محرم ذكره عبد الرزاق عن معمر وابن التيمي عن أيوب عن ابن سيرين قال أبو عمر ليس المحرم عند هؤلاء من شرائط الاستطاعة ومن حجتهم الإجماع في الرجل يكون معه الزاد والراحلة وفيه الاستطاعة ولم يمنعه فساد طريق ولا غيره أن الحج عليه واجب قالوا فكذلك المرأة لأن الخطاب واحد والمرأة من الناس وفي هذا الحديث أيضا دليل على صحة ما ذهب إليه مالك والشافعي وأصحابهما في تقدير المسافة التي يجوز فيها للمسافر قصر الصلاة وتحديدها لأنهم قالوا لا تقصر الصلاة في مسافة أقل من يوم وليلة وقدروا ذلك بثمانية وأربعين ميلا وهي أربعة برد وهو قول ابن عباس وابن عمر والأصل في ذلك حديث أبي هريرة هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم بما ذكرنا واستدلوا من هذا الحديث بأن كل سفر يكون دون يوم وليلة فليس بسفر حقيقة وأن حكم من سافر حكم الحاضر لأن في هذا الحديث دليلا على إباحة السفر للمرأة فيما دون هذا المقدار مع غير ذي محرم فكان ذلك في حكم خروج المراة في حوائجها إلى السوق وما قرب من المواضع المأمون عليها فيها في البادية والحاضرة وأما اليوم والليلة فظعن وانتفال يكون فيه الانفراد وتعترض فيه الأحوال فكان في حكم الأسفار الطوال لأن كل ما زاد عن اليوم والليلة من المدة في نوع اليوم والليلة وفي حكمها والله أعلم
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»