التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢١ - الصفحة ٦٦
وذكر الطحاوي هذه الآثار كلها بأسانيدها من طرق وذكر أيضا بالأسانيد عن أبي سعيد الخدري وأبي أسيد ورافع بن خديج وسهل بن سعد وعبد الله ابن عمر وجابر بن عبد الله وأبي هريرة أنهم كانوا يحفون شواربهم وقال إبراهيم بن محمد بن حاطب رأيت ابن عمر يحفي شاربه كأنه ينتفه وقال بعضهم حتى يرى بياض الجلد وقال (87) الطحاوي لما كان التقصير مسنونا عند الجميع في الشارب كان الحلق فيه أفضل قياسا على الرأس قال وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاثا وللمقصرين واحدة فجعل حلق الرأس أفضل من تقصيره فكذلك الشارب قال وما احتج به مالك أن عمر كان يفتل شاربه إذا غضب أو اهتم فجائز أن يكون كان يتركه حتى يمكن فتله ثم يحلقه كما ترى كثيرا من الناس يفعله قال أبو عمر إنما في هذا الباب أصلان أحدهما أحفوا الشوارب وهو لفظ مجمل محتمل للتأويل والثاني قص الشارب وهو مفسر والمفسر يقضي على المجمل مع ما روي فيه أن إبراهيم أول من قص شاربه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قص الشارب من الفطرة يعني فطرة الإسلام وهو عمل أهل المدينة وهو أولى ما قيل به في هذا الباب والله الموفق للصواب وقد كان أبو بكر محمد بن أحمد بن الجهم يقول الشارب إنما هو أطراف الشعر الذي يشرب به الماء قال وإنما اشتق له لفظ شارب لقربه من موضع شرب الماء وذكر خبر سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص من شاربه وكان إبراهيم خليل الله يقص شاربه أو من شاربه
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»