التمهيد - ابن عبد البر - ج ١٩ - الصفحة ٩٨
ابن إدريس عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أبي عمرو مولى عائشة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تستأمر النساء في أبضاعهن قالت قلت يا رسول الله إنهن يستحيين قال الأيم أحق بنفسها والبكر تستأمر وسكوتها إقرارها قال أبو عمر أجمع العلماء على أن للأب أن يزوج ابنته الصغيرة ولا يشاورها لتزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة وهي بنت ست سنين إلا أن العراقيين قالوا لها الخيار إذا بلغت وأبى ذلك أهل الحجاز ولا حجة مع من جعل لها الخيار عندي والله أعلم قال أبو قرة سألت مالكا عن قول النبي عليه السلام والبكر تستأذن في نفسها أيصيب هذا القول الأب قال لا لم يعن الأب بهذا إنما عني به غير الأب قال وإنكاح الأب جائز على الصغار من ولده ذكرا كان أو أنثى قال ولا ينكح الجارية الصغيرة أحد من الأولياء غير الأب واختلفوا في الأب هل يجبر ابنته الكبيرة البكر على النكاح أم لا فقال مالك والشافعي وابن أبي ليلى إذا كانت المرأة بكرا كان لأبيها أن يجبرها على النكاح ما لم يكن ضررا بينا وسواء كانت صغيرة أو كبيرة وبه قال أحمد وإسحاق وجماعة وحجتهم أنه لما كان له أن يزوجها وهي صغيرة كان له أن يزوجها وهي كبيرة إذا كانت بكرا لأن العلة البكورة لأن الأب ليس كسائر الأولياء بدليل تصرفه في مالها ونظره لها وأنه غير متهم عليها ولو لم يجز له أن يزوجها وهي بكر بالغ إلا بإذنها ما جاز له أن يزوجها صغيرة كما أن غير الأب لما لم يكن له أن يزوجها بكرا بالغا إلا بإذنها لم يكن له أن يزوجها صغيرة فلو احتيج إلى إذنها في الأب ما زوجها حتى تكون ممن لها الإذن بالبلوغ فلما أجمعوا على أن للأب أن يزوجها صغيرة وهي لا إذن لها صح بذلك أن له أن يزوجها بغير إذنها كائنة ما كانت بكرا لأن الفرق إنما ورد بين الثيب والبكر على ما قدمنا
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»