التمهيد - ابن عبد البر - ج ١٦ - الصفحة ١٦٥
من شأنهم ليس مما يحدث في عصر دون عصر فعلمنا أن ذلك ميراث الخلف عن السلف ووجدنا فرائض كثيرة سبيلها كسبيل الحج في ذلك منها قضاء الصوم والصلاة فلم نرهم ضيقوا على الحائض إذا طهرت في قضاء الصلاة في أول وقتها ولها أن تؤخره ما دام في وقتها سعة ولا في قضاء ما عليها من الصوم ولا على المسافر إذا انصرف من سفره وكلهم لا يؤمن عليه هجمة الموت وقالت عائشة أنه ليكون علي الصوم من رمضان فما أقضيه حتى يدخل شعبان فتبين بذلك أن هذه أمور لم يضيقها المسلمون فبطل بذلك قول من شذ فضيقها ثم نظرنا في أمر الحج إذا أخره المرء المدة الطويلة كرجل ترك أن يحج خمسين سنة وهو مستطيع في ذلك كله فوجدنا ذلك مستنكرا لا يأمر بذلك أحد من أهل العلم غير أنه إذا حج بعد المدة الطويلة لم يكن قاضيا للحج كقضاء من ترك الصلاة حتى خرج وقتها فقلنا الوقت ممدود بعد وإن كان قد أخر تأخيرا مستنكرا فإذا مات علمنا أنه قد أخر الفرض حتى فات بموته وصار الموت علامة لتفريطه حين فات وقت حجه فإن قال قائل فمتى يكون عاصيا وبماذا عصى قلنا أما المعصية فتأخيره الفرض حتى خرج وقته ويقع عصيانه بالحال التي عجز فيها من النهوض إلى الحج وبان ذلك بالموت وكذلك قال عمر بن الخطاب من مات ولم يحج فليمت يهوديا إن شاء أو نصرانيا فعلق
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»