التمهيد - ابن عبد البر - ج ١٦ - الصفحة ١٦٣
حسب سننها المعلومة وقد بينا ذلك في غير موضع من كتابنا هذا وفي سائر كتبنا ولم يذكر في حديث مالك الحج وقد قال بعض من تكلم في الموطأ من أصحابنا ومن قبله منهم أن الحج لم يكن حينئذ مفترضا وأنه بعد ذلك نزل فرضه ومن قال هذا القول زعم أن فرض الحج على من استطاع السبيل إليه يجب في فور الاستطاعة على حسب الممكن وهذه مسألة ليس فيها لمالك جواب وقد اختلف فيها المالكيون فطائفة منهم قالت وجوب الحج على الفور ولا يجوز تأخيره مع القدرة عليه وإلى هذا ذهب بعض البغداديين المتأخرين من المالكيين وهو قول داود وقالت طائفة منهم بل ذلك على التراخي وعلى هذا القول أكثر المالكيين من أهل المغرب وبعض العراقيين منهم وإليه ذهب أبو عبد الله محمد بن أحمد بن خواز بنداد البصري المالكي وله احتج في كتاب الخلاف وجاءت الرواية عن مالك رحمه الله أنه سئل عن المرأة تكون صرورة مستطيعة على الحج تستأذن زوجها في ذلك فيأبى أن يأذن لها هل يجبر على إذن لها قال نعم ولكن لا يعجل عليه ويؤخر العام بعد العام وهذه الرواية عن مالك تدل على أن الحج عنده ليس على الفور بل على التراخي والله أعلم واختلف قول أبي يوسف في هذه المسألة فروي عنه أنه على الفور وروي عنه أنه في سعة من تأخيره أعواما وهو قول محمد بن الحسن والشافعي
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»