التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٩٨
أوجب السعي بين الصفا والمروة فرضا على من لم يوجبه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله وقال خذوا عني مناسككم فصار بيانا لمجمل الحج فالواجب ان يكون فرضا كبيانه لركعات الصلوات وما كان مثل ذلك إذ لم يتفق على أنه سنة أو تطوع وقد (1) قال الله عز وجل * (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) * فإن احتج محتج بقراءة ابن مسعود وما في مصحفه وذلك قوله فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما قيل له ليس فيما سقط من مصحف الجماعة حجة لأنه لا يقطع به على الله عز وجل (ب) ولا يحكم بأنه قرآن إلا بما نقلته الجماعة بين اللوحين وأحسن ما روى في تأويل هذه الآية ما ذكره هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كانت مناة على ساحل البحر وحولها الفروث والدماء مما يذبح بها المشركون فقالت الأنصار يا رسول الله إنا كنا إذا أحرمنا بمناة في الجاهلية لم يحل لنا في ديننا أن نطوف بين الصفا والمروة فأنزل الله عز وجل * (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) * قال عروة أما أنا فلا أبالي ألا أطوف بين الصفا والمروة قالت عائشة لم يا ابن أختي قال لأن الله يقول * (فلا جناح عليه أن يطوف بهما) * فقالت عائشة لو كان كما تقول لكان فلا جناح عليه ألا يطوف بهما فلعمري ما تمت حجة أحد ولا عمرته أن لم يطف بين الصفا والمروة ورواه الزهري عن عروة عن عائشة مثله وقال فيه معمر عن الزهري فذكرت ذلك لأبي بكر بن عبد الرحمن (968) بن هشام فقال هذا العلم وقد روى مالك هذا الحديث عن هشام بن عروة بمعنى واحد
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»