التمهيد - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٩٥
يهجروا بالإفاضة وأفاض في نسائه ليلا فطاف على راحلته وفي حديث أم سلمة أنها اشتكت يومئذ فقال لها رسول الله طوفى راكبة من وراء الناس ومما يدل على كراهة الطوارف راكبا من غير عذر أني لا أعلم خلافا بين علماء المسلمين أنهم لا يستحبون لأحد أن يطوف بين الصفا والمروة على راحلة راكبا ولو كان طوافه راكبا لغير عذر لكان ذلك مستحبا عندهم أو عند من صح عنده ذلك منهم وقد روينا عن عائشة وعروة بن الزبير كراهية أن يطوف أحد بين الصفا والمروة راكبا وهو قول جماعة الفقهاء فأما مالك فلا أحفظ له فيه نصا الا أنه قال من طاف بالبيت محمولا أو راكبا من غير عذر لم يجزه وأعاد وكذلك السعي بين الصفا والمروة عندي في قوله بل السعي أو كد ماشيا لما ورد فيه من اشتداد رسول الله صلى الله عليه وسلم في سعيه ماشيا على قدميه وقال مالك أنه إن سعى أحد حاملا صبيا بين الصفا والمروة أجزأه عن نفسه وعن الصبي إذا نوى ذلك وقال في الطائف بالبيت (1) محمولا إن رجع إلى بلاده كان عليه أن لا يهريق دما وقال الليث بن سعد الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة سواء لا يجزئ واحد منهما راكبا إلا أن يكون له عذر وكذلك قال أبو ثور من سعى بين الصفا والمروة راكبا لم يجزه وعليه أن يعيد وقال مجاهد لا يركب إلا من ضرورة وهو قول مالك وقال الشافعي لا ينبغي له أن يطوف بالبيت ولا يسعى راكبا فإن فعل فلا دم عليه من عذر كان ذلك أو من غير عذر وذكر ان أنس بن مالك وعطاء طافا راكبين وقال أبو حنيفة أن سعى راكبا بين الصفا والمروة أعاد ما دام بمكة وإن رجع إلى الكوفة فعليه دم وكذلك
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»