وقال الحسن رحمه الله إنكم لا تنالون مما تحبون إلا بترك ما تشتهون ولا تدركون ما تأملون إلا بالصبر على ما تكرهون وفيه أن لفظ الصدقة يخرج الشيء المتصدق به عن ملك الذي يملكه قبل أن يتصدق به فإن أخرجها إلى مالك وملكه إياها استغنى بهذه اللفظة عن غيرها ولم يكن له الرجوع في شيء منها لأن لفظ الصدقة يدل على أنه أراد الله بها (ا) معطيها لما وعد الله ورسوله على الصدقة من جزيل الثواب وما أريد به الله فلا رجوع فيه وهذا مما أجمع المسلمون عليه وفي هذا حجة لمالك في إجازته للموهوب له والمتصدق عليه المطالبة بالصدقة وإن لم يحزها حتى يحوزها وتصح له ما دام المتصدق أو الواهب حيا وإن لم تقبض (ب) وغيره لا يجعل اللفظ بالصدقة ولا بالهبة شيئا سواء كان (*) لمعين ولا لغير معين حتى تقبض (ب) وليس للموهوب له (ج) عندهم ولا للمتصدق عليه أن يطالب واهبها باخراجها إليه ولا يوجب عندهم لفظ الصدقة أو الهبة من غير قبض حكما وممن ذهب إلى هذا الشافعي وأبو حنيفة والثوري وسنذكر اختلافهم في هذا المعنى وما شاكله من معاني الهبات في باب ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن ومحمد بن النعمان بن بشير إن شاء الله ونبين وجوه أقاويلهم واعتلالهم لمذاهبهم هناك بحول الله وعونه لا شريك له وفي هذا الحديث دليل على أن الكلام قد أوجب حكما أقله (د) المطالبة على ما قال مالك للمعين الموهوب له ومن طريق القياس لولا الكلام المتقدم ما كان القبض يدري ما هو وبالله التوفيق
(٢٠٥)