التمهيد - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٠٨
قال أبو عمر وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم دليل واضح على أن حج الصبى تطوع ولم يؤد به فرضا لأنه محال أن يؤدي فرضا من لم يجب عليه الفرض واما المملوك فهو عند جمهور العلماء خارج من الخطاب العام في قوله عز وجل * (ولله على الناس حج البيت) *) بديل عدم التصرف وأنه ليس له أن يحج بغير أذن سيده كما خرج من خطاب الجمعة وهو قوله (يا أيها الذين إمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة) الآية عند عامه العلماء الا من شذ وكما خرج من خطاب إيجاب الشهادة قال الله عز وجل (ولاياب الشهداء إذا ما دعوا) فلم يدخل في ذلك العبد وكما جاز خروج الصبى من قوله (ولله على الناس حج البيت) وهو من الناس بدليل رفع القلم عنه وخرجت المرأة من قوله (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة) وهي ممن شمله أسم الايمان فكذلك خروج العبد من الخطاب المذكور بما ذكرنا من دليل وهو قول فقهاء الحجاز والعراق والشام والمغرب ومثلهم لا يجوز عليهم تحريف تأويل الكتاب البتة بحال 0 فان قال قائل ممن يرى أن حج الصبى يجري عنه إذا بلغ ان الصبى انما لم يجب عليه الحج لأنه ممن لا يستطيع السبيل اليه فإذا بلغ به البيت وجب عليه الحج وأجزأه كسائر من لا يلزمه الحج من البالغين لعدم الاستطاعة فإذا وصل إلى البيت لزمه الحج فإذا فعله أجزأ عنه قيل له ان الذي لا يجد السبيل إلى الحج انما سقط عنه الفرض لعدم الوصول إلى البيت فاذاوصل اليه تعين عليه الفرض وارتفعت علته وصار من الواجدين السبيل فوجب عليه الحج لذلك 0 واما الصبى ففرض الحج غير واجب عليه كما لا تجب عليه الصلاة (21 و) ولا الصيام فهو قبل وصوله إلى البيت وبعد وصوله سواء لرفع القلم عنه فإذا بلغ الحلم فحينئذ وجب عليه الحج
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»