التمهيد - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١١٣
ثابت صحيح ذكر البخاري قال حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي موسى قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى قومي باليمن فجئت وهو بالبطحاء فقال بم أهللت قلت أهللت بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم قال هل معك هدي قلت لا وذكر الحديث ففي هذين الحديثين أن عليا وأبا موسى لم ينويا شيئا معينا من حج مفرد ولا عمرة ولا قران وإنما أهلا محرمين وعلقا النية في عملهما بما نواه وعمله غيرهما وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم فدل ذلك والله أعلم على أن النية في الإحرام بالحج ليس كالنية في الإحرام بالصلاة ألا ترى أن الدخول في الصلاة مفتقر إلى القول والنية جميعا وهو التكبير واعتقاد تعيين الصلاة بعينها وليس الحج كذلك لأنه يصح عندهم بالنية دون التلبية ألا ترى أن الحد قد يدخل فيه بغير التلبية من الأعمال مثل إشعار الهدي والتوجه نحو البيت إذا نوى بذلك الإحرام ومثل أن يقول قد أحرمت بالحج أو بالعمرة أو نحو ذلك ولا يصح الإحرام في الصلاة إلا بالتكبير فلهذا جاز نقل الإحرام في الحج من شيء إلى مثله ويصحح ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن معه هدي فليجعلها عمرة فأجاز أن يدخل فيه بوجه ويصرفه إلى غيره ولهذا قال إنه يدخل فيه الصغير ثم يبلغ فيبني على ذلك في عمله إذا صح له الوقوف بعرفة لأنه أصل الحج الذي يبنى عليه ما سواه منه والكلام في هذه المسئلة يطول وفيما لوحنا به مقنع إن شاء الله
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»