الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٥٢٨
وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يحل النجش وفسروه بنحو ما فسره مالك والشافعي [وتفسير النجش عنهم في تحصيل مذاهبهم] أن يدس الرجل إلى الرجل ليعطي في سلعته التي عرضها للبيع عطاء هو أكثر من ثمنها وهو لا حاجة به إلى شرائها ولكن ليغتر به من أراد شراءها فيرغب فيها ويغتر بعطائه فيزيد في ثمنها لذلك أو يفعل ذلك البائع نفسه ليغر الناس بذلك وهم لا يعرفون أنه ربها وأجمعوا أن فاعل ذلك عاص بفعله واختلفوا في البيع على هذا إذا صح فقال مالك لا يجوز النجش في البيع فمن اشترى سلعة بنجوشه فهو بالخيار إذا علم وهو عيب من العيوب قال أبو عمر الحجة في هذا لمالك ومن تابعه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التصرية والتحصيل في الشاة والبقرة والناقة ثم جعل المشتري بالخيار إذا علم بأنها كانت محفلة ولم يقض بفساد البيع ومعلوم أن التصرية غش وخديعة فكذلك النجش يصح فيه البيع ويكون المبتاع بالخيار من أجل ذلك قياسا ونظرا والله أعلم وقال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما بيع النجش مكروه والبيع لازم ولا خيار للمبتاع في ذلك لأنه ليس بعيب في نفس المبيع وإنما هي خديعة في الثمن وقد كان على المشتري أن يتحفظ ويحضر من يميز إن لم يكن يميز وقالت طائفة من أهل الحديث وأهل الظاهر البيع في النجش مفسوخ مردود على بائعه لأنه طابق النهي ففسد وقال بن حبيب من فعل ذلك جاهلا أو مختارا فسد البيع إن أدرك قبل أن يفوت إلا أن يحب المشتري التمسك بالسلعة بذلك الثمن فإن فاتت في يده كانت عليه بالقيمة هذا إذا كان البائع هو الناجش ولو كان بأمره وإذنه أو بسببه وإن لم يكن شيء من ذلك وكان أجنبيا لا يعرف فلا شيء على البائع وأما البيع فهو صحيح 0
(٥٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 523 524 525 526 527 528 529 530 531 532 533 ... » »»