ومن ترك ما ليس به بأس مخافة مواقعة ما به بأس كما جاء في الحديث ((وأترك ما يريبك إلى ما لا يريب)) كما قال صلى الله عليه وسلم ((دع ما يريبك لما لا يريبك)) وقال عمر - رضي الله عنه اتركوا الربا والريبة والوأي والعادة [من هذا الباب] الريبة والله أعلم قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا أن من استسلف شيئا من الحيوان بصفة [وتحلية] معلومة فإنه لا بأس بذلك وعليه أن يرد مثله إلا ما كان من الولائد فإنه يخاف في ذلك الذريعة إلى إحلال ما لا يحل فلا يصلح وتفسير ما كره من ذلك أن يستسلف الرجل الجارية فيصيبها ما بدا له ثم يردها إلى صاحبها بعينها فذلك لا يصلح ولا يحل ولم يزل أهل العلم ينهون عنه ولا يرخصون فيه لأحد قال أبو عمر اختلف العلماء قديما وحديثا في استقراض الحيوان واستسلافه فكرهه قوم وأباه قوم منهم ورخص فيه آخرون فمن كرهه ولم يجزه ولا أجاز السلم فيه من الصحابة عبد الله بن مسعود وحذيفة وعبد الرحمن بن سمرة وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والحسن بن صالح وسائر الكوفيين وحجتهم أن الحيوان لا يوقف على حقيقة صفته لأن مشيته وحركته وجريه وملاحته كل ذلك يزيد في ثمنه ولا يدرك ذلك بوصف ولا يضبط بنعت لأن قارحا أخضر غير قارح غير أخضر ونحو هذا من صفات سائر الحيوان وادعوا النسخ في حديث أبي رافع المذكور في أول هذا الباب لما فيه من استقراض رسول الله صلى الله عليه وسلم البكر ورده الجمل الخيار ومثله حديث أبي هريرة فادعوا النسخ في ذلك بحديث بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الذي أعتق نصيبه من عبد له بينه وبين غيره بقيمة نصيب شريكه ولم يوجب عليه نصف عبد مثله وقال داود وطائفة من أهل الظاهر لا يجوز السلم في [الحيوان ولا في] شيء من الأشياء إلا في المكيل والموزون خاصة وما خرج عن الكيل والوزن فالسلم فيه غير جائز لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عند البائع [ولقوله صلى الله عليه وسلم ((من سلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم)) ويخص المكيل والموزون
(٥١٧)