الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٥٢٦
قال أبو عمر يتفق معنى قول مالك والليث في أن النهي أريد به نفع أهل الأسواق لا رب السلع وقال الشافعي يكره تلقي السلعة من أهل البادية فمن تلقاها فقد أساء وصاحب السلعة بالخيار إذا قدم إلى السوق في إنفاد البيع أو رده وذلك أنهم يتلقونهم فيخبرونهم بانكسار سلعهم وكساد سوقهم وهم أهل غرة فيبيعونهم على ذلك وهذا ضرب من الخديعة حكى ذلك عن الشافعي الزعفراني والربيع والمزني وتفسير قول الشافعي عند أصحابه أن يخرج أهل السوق فيخدعون أهل القافلة ويشترون منهم شراء رخيصا فلهم الخيار لأنهم غروهم قال أبو عمر فمذهب الشافعي في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تلقي السلع إنما أريد به نفع رب السلعة لا نفع أهل سوقها في الحاضرة وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا كان التلقي في أرض لا يضر بأهلها فلا بأس به وإن كان يضر بأهلها فهو مكروه وقال الأوزاعي إذا كان الناس من ذلك شباعا فلا بأس به وإن كانوا محتاجين فلا يقربوا السلع حتى يهبط بها إلى الأسواق ولم يجعل الأوزاعي القاعد على بابه تمر به السلع لم يقصد إليها فيشتريها متلقيا والمتلقي عنده التاجر القاصد إلى ذلك الخارج إليه وقال الحسن بن حي لا يجوز تلقي السلع ولا شراؤها في الطريق حتى يهبط بها إلى الأسواق وقالت طائفة من المتأخرين من أهل [الفقه] والحديث لا بأس بتلقي السلع في أول السوق ولا يجوز ذلك خارج السوق على ظاهر الحديث وقال بن خواز بنداد البيع في تلقي السلع صحيح عند الجميع وإنما الخلاف في أن المشتري لا يفوز بالسلعة ويشركه فيها أهل السوق ولا خيار للبائع أو أن البائع بالخيار إذا هبط بها إلى السوق قال أبو عمر قد ذكرنا عن بعض أصحاب مالك أن البيع فاسد يفسخ وما أظن أن بن خواز بنداد وافق على ذلك من قوله ولم يره خلافا لمخالفة الجمهور وفي هذا الباب حديث مسند صحيح حجة لمن ذهب إليه وبالله التوفيق وحدثني سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان قالا حدثنا قاسم بن
(٥٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 531 ... » »»