الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٥٣٩
وعلى هذا القول يكون هذا الحديث مستعملا معناه في كل من اشترى وباع إذا اشترط الخيار ثلاثا وظهر إليه فيها أنه غبن وخدع وقد مضى ما للعلماء في اشتراط الخيار ومدته فيما مضى من كتابنا فلا وجه لإعادته واتفق أهل العلم - فيما علمت - أن الوكيل والمأمون ببيع شيء أو شرائه إذا باع أو اشترى بما لا يتغابن الناس في مثله أن فعله ذلك باطل مردود وكذلك فعل الوصي في مال يتيمه إذا فعل في البيع له أو الشراء ما لا يتغابن الناس بمثله لأن ذلك إفساد لمال غيره واستهلاك كما لو وهب مال غيره أو تصدق به بغير إذنه وكان أبو بكر الأبهري وأصحابه يذهبون إلى أن ما لا يتغابن الناس بمثله هو الثلث فما فوقه من ثمن السلعة أو قيمتها وما كان دون ذلك لم يرد فيه البيع إذا لم يقصد إليه ويمضى فيه اجتهاد الوصي والوكيل ومن جرى مجراهما وأما من لم يشترط في بيعه وشرائه أنه إن غبن غبنا بينا فيما باع أو ابتاع فهو بالخيار ثلاثا وهو مالك لنفسه جائز الأمر في ماله فقال بن القاسم في سماع عيسى منه في كتاب الرهون ((من المستخرجة)) باب سماع بن القاسم عن مالك قال مالك ولو باع رجل من غير أهل السفه جارية بخمسين دينارا قيمتها ألف دينار أو باعها بألف دينار وقيمتها خمسون دينارا جاز ذلك له قال أبو عمر لا أعلم خلافا في بيع المالك لنفسه الجائز الأمر في ماله ما لم يكن مستسئلا مستنصحا للذي عامله أنه حلال له أن يبيع بيعا بأكثر ما يساوي أضعافا إذا لم يدلس له بعيب إلا أن يبيع منه أو يشتري عينا من السلع قد جهلها مبتاعها أو باعها منه على أنها غير تلك العين كرجل باع قصديرا أو اشتراه على أنه فضة أو رخاما أو نحوه على أنه ياقوت أو ما أشبهة من نحو ذلك فإن هذا لا يحل ولا يجوز عند أهل العلم وللمشتري ذلك رده ولبائعه الرجوع فيه إذا باع لؤلؤا على أنه عظم أو فضة على أنه قصدير أو نحو ذلك وأما أثمان السلع في الرخص والغلاء وارتفاع الأسعار وانخفاضها فجائز التغابن في ذلك كله إذا كان كل واحد من المتبايعين مالكا لأمره وكان ذلك عن تراض منهما
(٥٣٩)
مفاتيح البحث: البيع (5)، الجواز (1)، الوصية (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 534 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 ... » »»