الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٥١٥
سفيان قالا حدثني قاسم بن أصبغ قال حدثني محمد بن وضاح وحدثني أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثني عبد الله بن نمير قال حدثني يزيد بن زياد بن أبي الجعد قال حدثني أبو صخر جامع بن شداد عن طارق المحاربي قال لما ظهر الإسلام خرجنا في ركب ومعنا ظعينة لنا حتى نزلنا قريبا من المدينة فبينا نحن قعود إذ أتى رجل عليها ثوبان أبيضان فسلم ثم قال من أين أقبل القوم فقلنا له من الربذة ومعنا جمل أحمر أتبيعوني الجمل قال قلنا نعم [قال بكم] قلنا بكذا أو كذا صاعا من تمر فأخذه ولم يعطنا شيئا قال قد أخذته وأخذ برأس الجمل حتى توارى بحيطان المدينة قال فتلاومنا فيما بيننا قلنا أعطيتم جملكم رجلا لا تعرفونه فقالت الظعينة لا تلاوموا لقد رأيت وجه رجل ما كان ليحقركم ما رأيت أشبه بالقمر ليلة البدر من وجهه فلما كان العشي أتانا رجل فقال السلام عليكم أنا [رسول] رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم وهو يأمركم أن تأكلوا حتى تشبعوا وأن تكتالوا حتى تستوفوا وأكلنا حتى شبعنا واكتلنا حتى استوفينا ففي هذا الحديث إباحة أكل طعام من له عليه دين وما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليطعم ما لا يحل ويشهد لهذا حديث أبي رافع المذكور في صدر هذا الباب ومثله حديث أبي هريرة وقد ذكرناه في ((التمهيد)) وذلك كله يدل على أنه جائز لمن له دين على رجل من دين أقرضه أو بيع باعه أن يقبل منه ما زاد به بطيب نفسه شكرا لها وأن يأكل طعامه ويقبل هديته وما كان مثل ذلك كله ومثله فليس بربا وقضى الإجماع أن من اشترط شيئا من ذلك فهو ربا فكان الوجه الأول من الحلال البين والوجه الآخر من الحرام البين والحمد لله
(٥١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 520 ... » »»