الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٥١١
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال استسلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرا فجاءته إبل من الصدقة قال أبو رافع فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقضي الرجل بكره فقلت لم أجد في الإبل إلا جملا خيارا رباعيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أعطه إياه فإن خيار الناس أحسنهم قضاء)) 1343 - مالك عن حميد بن قيس المكي عن مجاهد أنه قال استسلف عبد الله بن عمر من رجل دراهم ثم قضاه دراهم خيرا منها فقال الرجل يا سألت أبا عبد الرحمن هذه خير من دراهمي التي أسلفتك فقال عبد الله بن عمر قد علمت ولكن نفسي بذلك طيبة قال أبو عمر أما القول في حديث زيد بن أسلم المكتوب في أول هذا الباب وما فيه من المعاني فمعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يأكل الصدقة وإنما كانت محرمة عليه لا تحل له وفي ذلك دليل على أن استسلافه الجمل البكر [المذكور في هذا الحديث] لم يكن لنفسه لأنه قضاه من إبل الصدقة وإذا كان ذلك كذلك صح أنه إنما استسلفه الجمل لمساكين بلدة لما رأى من شدة حاجتهم فاستقرضه عليهم [ثم] رده من إبل الصدقة كما يستقرض ولي اليتيم عليه نظرا له ثم يرده من ماله إذا طرأ له مال وهذا كله لا تنازع فيه والحمد لله وقد اختلف العلماء في حال المستقرض منه الجمل [البكر] المذكور في هذا الحديث فقال منهم قائلون لم يكن المستقرض منه ممن تجب عليه صدقة ولا تلزمه زكاة عند انقضاء الحول إما لجائحة لحقت ماله قبل الحول فصار المال لغيره أو لغير ذلك من الأسباب المانعة للزكاة لأنه قد رد عليه صدقته ولم يحتسب له بها وكان وقت أخذ الصدقات وخروج السعاة وقتا واحدا يستوي الناس فيه واستوفى منه أصحاب المواشي فلما لم يحتسب له بما أخذ منه صدقة علم أنه لم يكن ممن تلزمه صدقة في ماشيته في ذلك الحول الذي له أخذت صدقته إما لقصور نصابه بالآفة الداخلة على ماشيته قبل تمام حوله أو بغير ذلك مما قد وصفنا [بعضه] فوجب رد ما أخذ منه إليه ومثال الاستسلاف في هذا الموضع أن يقول الإمام [للرجل] أقرضني على
(٥١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 506 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 ... » »»