الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ٥١٤
لأنه معروف إذا وقع ولا تعلم صحته ما لم يقع لأن العادة تقطع دونها وأن اختلاف الأموال ومن حكم بذلك استعمل الظن وحكم بغير اليقين فالأحكام إنما هي على الحقائق لا على الظنون ومن تورع عن ذلك نال فضلا والله أعلم ومن هذا الباب أكل هدية الغريم واختلاف الفقهاء [فيه] على نحو ما ذكرنا قال مالك لا يصلح أن يقبل هدية تحريمه إلا أن يكون ذلك بينهما معروفا [قبل ذلك] وهو يعلم أن ليس هديته إليه لمكان دينه وقال الثوري مثل ذلك وقال أبو حنيفة والشافعي وأصحابهما إن اشترط في السلف زيادة كان حراما وإن اشترط على الغريم هدية كان حراما ولا بأس أن يقبل هديته بغير شرط قالوا وكل قرض جر منفعة لا خير فيه وروي عن إبراهيم مثله قال الطحاوي وهذا عندهم إذا كانت المنفعة مشروطة وأما إذا أهدى إليه من غير شرط أو أكل عنده فلا بأس به عندهم وقال الليث بن سعد أكره أن يقبل هديته أو يأكل عنده وقال عبيد الله بن الحسن لا بأس أن يأكل الرجل هدية غريمه وقال الشافعي لا بأس أن يقضيه أجود من دينة أو دونه إذا تراضيا ذلك قال أبو عمر اختلف السلف والخلف في [هذه المسألة وعلى حسب ذلك كان اختلاف الخلف من الفقهاء فيها] فروي عن أبي بن كعب وعبد الله بن سلام أنهما كرها كل هدية الغريم وروى نافع عن بن عمر أنه كان له صديق [يسلفه وكان عبد الله بن عمر يهدي له وروى شعبة عن يحيى بن سعيد عن أنس] قال إذا أ قرضت رجلا قرضا فلا تركب دابته ولا تقبل هديته إلا أن يكون قد جرت بينك وبينه [قبل ذلك] مخالطة وروي عن بن عباس فيها رخصة وفي هذا الباب حديث مسند جيد وهو حجة وملجأ لمن قال به [قال أبو عمر قال حدثني سعيد بن نصر] قال حدثني عبد الوارث بن
(٥١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 509 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 ... » »»