وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ((أوتيت الكتاب ومثله معه)) (1) وأمر الله - عز وجل - عباده بطاعته والانتهاء إلى ما أمرهم به ونهاهم عنه أمرا مطلقا وأنه أخبرهم أنه يهدي إلى صراط مستقيم صراط الله وحذرهم من مخالفته بالعذاب الأليم فقال عز وجل * (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) * [النور 63] وقد تنطعت فرقة فقالوا لم يجمع العلماء على تحريم الجمع بين المرأة وعمتها لحديث أبي هريرة وإنما أجمعوا على ذلك بمعنى نص القرآن في [النهي عن] الجمع بين الأختين [والمعنى في ذلك إلى الله - عز وجل - نكاح الأخوات فلا يحل لأحد نكاح أخته من أي وجه كانت وحرم الجمع بين الأختين] فكان المعنى في ذلك أن كل امرأتين لو كانت إحداهما رجلا لم يحل له نكاح الأخرى لم يحل له الجمع بينهما قال أبو عمر هذه فرقة تنطعت وتكلفت في استخراج علة بمعنى الإجماع وهذا لا معنى له لأن الله - عز وجل - لما حرم على عبادة من أمة نبيه محمد - عليه السلام - اتباع غير سبيل المؤمنين واستحال أن يكون ذلك في غير الاجماع لأن مع الاختلاف كل يتبع سبيل المؤمنين بأن من اتبع غير ما أجمع المؤمنون عليه فقد فارق جماعتهم وخلع الإسلام من عنقه وولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيرا فوضح بهذا كله أن متى صح الإجماع وجب الاتباع ولم يحتج إلى حجة تستخرج برأي لا يجتمع عليه وقد اختلف العلماء في المعنى المراد بقوله - عليه السلام - ((لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها)) (2) فقالت طائفة معناه كراهية القطيعة فلا يجوز لأحد أن يجمع بين امرأتين بينهما قرابة رحم محرمة أو غير محرمة فلم يجيزوا الجمع بين ابنتي عم أو عمة ولا بين ابنتي خال أو خالة روي ذلك عمن إسحاق بن طلحة بن عبيد الله والحسن بن أبي الحسن وجابر بن زيد وعكرمة وقتادة وعطاء على اختلاف عنه
(٤٥٣)