الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ٤٥٠
وفي حديث عقبة ((ألا أدلكم على التيس المستعار هو المحلل)) (1) قال أبو عمر معلوم أن إرادة المرأة المطلقة للتحليل لا معنى لها إذا لم يجامعها الرجل على ذلك لأن الطلاق ليس بيدها فوجب إلا تقدح إرادتها في عقد النكاح وكذلك المطلق أحرى إلا يراعى لأنه لا مدخل له في إمساك [الزوج] الثاني ولا في طلاقه إذا خالفه في ذلك فلم تبق الا إرادة الزوج الناكح فإن ظهر ذلك بالشرط علم أنه محلل دخل تحت اللعنة المنصوص عليها في الحديث ولا فائدة للعنة إلا إفساد النكاح والتحذير منه والمنع يكون حينئذ في حكم نكاح المتعة كما قال الشافعي ويكون محللا فيفسد نكاحه وها هنا يكون إجماعا من المشدد [والمرخص] وهو اليقين - إن شاء الله تعالى وقد روي عن عمر بن الخطاب في نكاح المحلل أنه قال لا أوتي بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما قال الطحاوي ويحتمل أن يكون [تشديدا و] تغليظا وتحذيرا لئلا يواقع ذلك أحد كنحو ما هم به النبي - عليه السلام - أن يحرق على من تخلف عن صلاة الجماعة بيوتهم وإنما تأولنا هذا على عمر - رضي الله عنه لأنه قد صح عنه أنه درأ الحد عن رجل وطئ غير امرأته وهو يظن أنها امرأته وإذا بطل الحد بالجهالة بطل بالتأويل لأن المتأول عند نفسه مصيب وهو في معنى الجاهل - إن شاء الله عز وجل وكذلك القول في قول بن عمر إذ سئل عن نكاح المحلل فقال لا أعلم ذلك إلا السفاح قال أبو عمر ليس الحدود كالنكاح في هذا لأن الحد ربما درىء بالشبهة والنكاح إذا وقع على غير سنة وطابق النهي فسد لأن الأصل أن الفروج محظورة فلا تستباح إلا - على الوجه المباح لا المحظور المنهي عنه ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له كلعنة آكل الربا وموكله ولا ينعقد بشيء من ذلك ويفسخ أبدا وبالله التوفيق
(٤٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 445 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 ... » »»