الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ٤٦١
وهذا كله قول الكوفيين والشافعي وجمهور الفقهاء قال أبو عمر قد مضى القول في الربيبة بما فيه شفاء - إن شاء الله وأما بنت الربيبة فقد اختلف في تحريمها فقال الجمهور إنها محرمة تحريما مطلقا كبنات البنات وكالأمهات وأمهات الأمهات وإن علون وعلى هذا القول مذاهب جمهور الفقهاء منهم مالك والشافعي وأصحابهما روي ذلك عن الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح والقاسم بن محمد ويحيى بن سعيد وأبي الزناد وأهل المدينة وقالت طائفة من الكوفيين تزوج ابنة الربيبة حلال إذا لم يدخل بأمها وجعلوها كابنة العم وابنة الخالة فإن الله حرمها كتحريم الربيبة إذا بين وأحل بناتهما واحتجوا بقول الله - عز وجل - حين حرم ما ذكره في كتابه ثم قال " وأحل لكم ما وراء ذالكم " [النساء 24] وقد اجمع العلماء على أن ما لم يحرمه الله فهو مباح والقول في بنت الربيبة أعم وأكثر وبه أقول وبالله التوفيق] وأما قول مالك في هذا الباب في الرجل يتزوج المرأة ثم ينكح أمها فيصيبها أنه لا تحل له أمها أبدا ولا تحل لأبنه ولا تحل له ابنتها وتحرم عليه امرأته فالقول في هذه المسألة قبلها يغني عن الكلام فيها إلا في قوله لا تحل لأبنه ولا لأبيه فإن معنى قوله في ذلك ظاهر قول الله عز وجل * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) * [النساء 22] ولم يخص نكاحا فاسدا من صحيح فكل نكاح يدرأ به الحد ويلزم فيه الصداق يحرم من الأم والابنة على الأب [والابن] ما يحرم النكاح الصحيح وكذلك حلائل الأبناء سواء وأما قوله في هذا الباب قال مالك فأما الزنى فإنه لا يحرم شيئا من ذلك لأن الله تبارك وتعالى قال * (وأمهات نسائكم) * [النساء 23] فإنما حرم ما كان تزويجا ولم يذكر تحريم الزنى فكل تزويج كان على وجه الحلال يصيب صاحبه امرأته فهو بمنزلة التزويج الحلال
(٤٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 ... » »»