ان إرادة المرأة الرجوع إلى زوجها لا يضر العاقد عليها وأنها ليست بذلك في معنى التحليل الموجب لصاحبه اللعنة المذكورة في الحديث وقد اختلف الفقهاء في هذا المعنى على ما نذكره عنهم - إن شاء الله - عز وجل وفيه أن المطلقة ثلاثا لا يحللها لزوجها إلا طلاق زوج قد وطئها وأنه إن لم يطأها لم تحل للأول ومعنى ذوق العسيلة هو الوطء وعلى هذا جماعة العلماء إلا سعيد بن المسيب فإنه قال جائز أن ترجع إلى الأول إذا طلقها الثاني وإن لم يمسها وأظنه لم يبلغه حديث العسيلة وأخذ بظاهر القرآن * (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) * [البقرة 23] فإن طلقها - أعني الثاني - فلا جناح عليهما أن يتراجعا وقد طلقها] وليس في القرآن ذكر مسيس في هذا الموضع وغابت عنه السنة في ذلك ولذلك لم يعرج على قوله أحد من العلماء بعده وانفرد أيضا الحسن البصري فقال لا تحل للأول حتى يطأها الثاني وطأ فيه إنزال وقال معنى العسيلة الإنزال وخالفه سائر الفقهاء وقالوا التقاء الختانين يحللها لزوجها قال أبو عمر ما يوجب الحد ويفسد الصوم والحج يحل المطلقة ويحصن الزوجين ويوجب كمال الصداق [وعلى هذا مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة وجمهور الفقهاء وقال مالك وبن القاسم لا يحل المطلقة] إلا الوطء المباح فإن وقع الوطء في صوم أو اعتكاف أو حج أو في حيض أو نفاس لم يحل المطلقة ولا يحل الذمية عندهم وطء زوج ذمي لمسلم ولا وطء من لم يكن بالغا وقال أبو حنيفة [والشافعي] [وأصحابهما] والثوري والأوزاعي والحسن بن حي يحلها التقاء الختانين ووطء كل زوج بعد وطئه [وطأ] وإن لم يحتلم إذا كان مراهقا وليس وطء الطفل عند الجميع بشيء قال الشافعي إذا أصابها بنكاح صحيح وغيب الحشفة في فرجها فقد ذاق العسيلة وسواء في ذلك قوي النكاح وضعيفه
(٤٤٧)