الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ٤٠٨
والموهوبة بلا صداق خص بها النبي صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل * (خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم) * [الأحزاب 50] يعني من الصداق فلا بد لكل مسلم من صداق قل أو كثر على حسب ما للعلماء في ذلك من التحديد في قليله دون كثيره فإنهم لم يختلفوا في الكثير منه لقول الله عز وجل * (وآتيتم إحداهن قنطارا) * [النساء 20] وفي القياس أن كل ما يجوز بيعه والبدل منه والمعارضة عليه جازت هبته إلا أن الله - عز وجل - خص النساء بالمهور المعلومات ثمنا لأبضاعهن قال الله عز وجل " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة " [النساء 4] قال أبو عبيدة عن طيب نفس بها دون جبر وحكومة قال وما أخذ بالحكام فلا يقال له نحلة وقد قيل أن المخاطبين بهذه الآية هم الآباء لأنهم كانوا يستأثرون بمهور بناتهم وقال سعيد بن المسيب [ومكحول وبن شهاب] لم تحل الموهوبة لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم وروى بن عيينة عن أيوب بن موسى عن يزيد بن قسيط عن سعيد بن المسيب قال لم تحل الموهوبة لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم ولو أصدقها سوطا حلت له ذكره بن أبي شيبة [والشافعي وغيرهما] عن بن عيينة وروى وكيع عن سفيان عن إسماعيل بن أمية عن سعيد بن المسيب قال لو رضيت بسوط كان مهرها قال أبو عمر قال الله - عز وجل - " والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا ءاتيتموهن أجورهن " [المائدة 5] يعني مهورهن وقال في الإماء " فانكحوهن بإذن أهلهن وءاتوهن أجورهن بالمعروف " [النساء 25] يعني صدقاتهن وأجمع علماء المسلمين أنه لا يجوز لأحد أن يطأ فرجا وهب له دون رقبته وأنه لا يجوز [له] وطء في نكاح بغير صداق مسمى دينا أو نقدا وأن المفوض إليه لا يدخل حتى يسمي صداقا فإن وقع الدخول في ذلك لزم فيه صداق المثل واختلفوا في عقد النكاح بلفظ الهبة مثل أن يقول الرجل قد وهبت لك ابنتي أو وليتي وسمى صداقا أو لم يسم وهو يريد بذلك النكاح
(٤٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 ... » »»