الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ٣٨٨
عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((الثيب أولى بأمرها من وليها والبكر تستأمر وصمتها إقرارها)) (1) قالوا ومن الدليل أيضا [على] أن الأيم المذكورة في هذا الحديث هي الثيب كما رواه [من رواه] وكذلك قوله والبكر تستأذن فذكر البكر بعد [ذكره] الأيم فدل على أنها الثيب قالوا ولو كانت الأيم في هذا الحديث [كل من لا زوج لها من النساء لبطل قوله صلى الله عليه وسلم ((لا نكاح إلا بولي)) (2) ولكانت كل امرأة أحق بنفسها من وليها وكان هذا التأويل رد السنة الثابتة في أن لا نكاح إلا بولي وردا لقوله تعالى * (فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن) * [البقرة 232] يخاطب الأولياء بذلك ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((الأيم أحق بنفسها من وليها)) دل على أن لوليها حقا لكنها أحق منه ودل على أن حق الولي على البكر فوق ذلك لأن الولي لا ينكح الثيب إلا [بأمرها] وينكح البكر بغير أمرها ويستحب له إستئذانها واستئمارها وهذا كله قول من قال إن الولي المذكور في هذا الحديث هو الأب دون غيره من الأولياء لأن الأب لا ينكح الثيب من بناته إلا بأمرها وله أن ينكح البكر منهن بغير أمرها وممن قال بهذا الشافعي وأصحابه وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه واحتجوا بضروب من الحجج معناها ما وصفنا قال أبو عمر في قوله صلى الله عليه وسلم ((الأيم أحق بنفسها)) دلائل ومعان وفوائد أحدها أن الأيم إذا كانت أحق بنفسها فغير الأيم وليها أحق بها من نفسها ولو كانتا جميعا أحق بأنفسهما من وليهما لما كان لتخصيص الأيم معنى ومثل هذا من [الدلائل] قول الله - عز وجل * (وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن) * [الطلاق 6] دليل على أنه لا نفقه لهن إذا لم يكمن أولات حمل
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»