الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ٢٧
قال أبو عمر روى بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن بن عباس عن الصعب بن جثامة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أهل الدار من المشركين يبيتون فيصاب من ذراريهم ونسائهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((هم منهم)) وربما قال ((هم من آبائهم)) (1) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر سراياه بالغارة على المشركين وبالتبييت ويقول ((إذا سمعتم أذانا فأمسكوا وإن لم تسمعوا أذانا فأغيروا)) (2) وقال لأسامة بن زيد ((أغر على أبنا صباحا وحرق)) (3) وبعث صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الليثي في سرية قال جندب بن مكيث كنت فيهم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشن الغارة على بني الملوح بالكديد وقد ذكرنا هذه الآثار كلها بأسانيدها في ((التمهيد)) وبهذا عمل الخلفاء الراشدين بعده صلى الله عليه وسلم لمن بلغته الدعوة فيمن قال بهذه الأحاديث زعم أن قوله عز وجل * (ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات) * الآية [الفتح 25] خصوص في أهل مكة وأما مالك والأوزاعي فذهبا إلى أن الآية عامة في سائر الناس وأن حديث الصعب بن جثامة وما كان مثله من التبييت والغارة فليس فيه ذكر مسلم يتترس به وقول مالك أصح ما قيل في ذلك لتحريم الله دم المسلم تحريما مطلقا لم يخص به موضعا من موضع وإنما قتل الشيوخ والرهبان والفلاحين ويأتي ذكره في حديث أبي بكر بعد هذا إن شاء الله 934 _ مالك عن يحيى بن سعيد أن أبا بكر الصديق بعث جيوشا إلى الشام فخرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان وكان أمير ربع من تلك الأرباع فزعموا أن يزيد قال لأبي بكر إما أن تركب وإما أن أنزل فقال أبو بكر ما أنت بنازل وما أنا براكب إني أحتسب خطاي هذه في سبيل الله ثم قال له إنك
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»