الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ٢٩
حجاج بن أرطأة عن يحيى بن جدعان عن يحيى بن المطيع أن أبا بكر الصديق (رضي الله عنه) بعث جيشا فقال ((اغزوا باسم الله اللهم اجعل وفاتهم شهادة في سبيلك)) ثم قال ((إنكم تأتون قوما في صوامع لهم فدعوهم وما أعملوا أنفسهم له وتأتون قوما قد فحصوا عن أوساط رؤوسهم فاضربوا ما فحصوا عنه)) وذكر عبد الرزاق عن بن جريج عن يحيى بن سعيد هذا الحديث كما رواه مالك إلا أنه قال وستجد أقواما فحصوا عن أوساط رؤوسهم من الشعر وتركوا منها أمثال العصائب فاضربوا ما فحصوا عنه بالسيف)) ثم ذكر تمام الحديث على حسب ما ذكره مالك قال عبد الرزاق الذين فحصوا عن رؤوسهم الشمامسة والذين حبسوا أنفسهم هم الرهبان الذين في الصوامع قال أبو عمر الشمامسة هم أصحاب الديانات والرهبان المخالطون للناس من أهل دينهم وغير دينهم وفيهم الرأي والمكيدة والعون بما أمكنهم وليسوا كالرهبان الفارين عن الناس المعتزلين لهم في الصوامع روى معمر عن الزهري قال كان أبو بكر إذا بعث جيوشه إلى الشام قال إنكم ستجدون قوما فحصوا عن رؤوسهم ففلقوا رؤوسهم بالسيوف وستجدون قوما قد حبسوا أنفسهم في الصوامع فذروهم بخطاياهم واختلف الفقهاء في قتل أصحاب الصوامع والعميان والزمنى فقال مالك لا يقتل الأعمى ولا المعتوه ولا المقعد ولا أصحاب الصوامع الذين طينوا الباب عليهم لا يخالطون الناس وهو قول أبي حنيفة وأصحابه قال مالك وأرى أن يترك لهم من الأموال مقدار ما يعيشون به إلا أن يخاف من أحدهم فيقتل وقال الثوري لا يقتل الشيخ والمرأة والمقعد وقال الأوزاعي لا يقتل الحراس والزراع ولا الشيخ الكبير ولا المجنون ولا الراهب وقال الليث لا يقتل الراهب في صومعته ويترك له من ماله القوت
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»