الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ٢٨
ستجد قوما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له وستجد قوما فحصوا عن أوساط رؤوسهم من الشعر فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف وإني موصيك بعشر لا تقتلن امرأة ولا صبيا ولا كبيرا هرما ولا تقطعن شجرا مثمرا ولا تخربن عامرا ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة ولا تحرقن نحلا ولا تفرقنه ولا تغلل ولا تجبن قال أبو عمر روى هذا الحديث سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد كما رواه مالك فلما انتهى إلى قوله ((فدعهم وما حبسوا أنفسهم له)) قال سفيان يعني الرهبان قال ((وستجد قوما قد فحصوا عن أوساط رؤوسهم وجعلوا حولها أمثال العصائب فاضرب ما فحصوا من أوساط رؤوسهم بالسيف)) قال سفيان يعني القسيسين ثم ذكر تمام الخبر كما ذكره مالك سواء قال أبو عمر افتتح أبو بكر الصديق في آخر أيامه قطعه من الشام وكان له عليها أمراء منهم أبو عبيدة بن الجراح ويزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة والأخبار بذلك عند أهل السير مشهورة _ وكان يزيد على ربع من الأرباع المشهورة وفي ركوب يزيد ومشي أبي بكر رخصة في أن الجليل من الرجال راجلا مع من هو دونه راكبا للتواضع واحتساب الخطى في سبيل الله كما ذكر وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار أو حرمه الله على النار)) (1) رواه مالك بن عبد الله الخثعمي عن النبي صلى الله عليه وسلم وكان من سنتهم تشييع الغزاة ابتغاء الثواب وفيه ما كانوا عليه من حسن الأدب وجميل الهدي أداء ما يلزمهم من توقير أئمة العدل وإجلالهم وبرهم وأما قوله ((إنك ستجد قوما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله فإنه أراد الرهبان المنفردين عن الناس في الصوامع لا يخالطون الناس ولا يطلعون على عورة ولا فيهم شوكة ولا نكاية برأي ولا عمل ذكر أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»