الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ١٦
وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا إسحاق قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب وهشام عن محمد عن عمران بن حصين والحكم الغفاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((لا طاعة لبشر في معصية الله)) (1) وأما قوله ألا ننازع الأمر أهله فقد اختلف الناس في ذلك فقال القائلون منهم أهله أهل العدل والإحسان والفضل والدين مع القوة على القيام بذلك فهؤلاء لا ينازعون لأنهم أهله وأما أهل الجور والفسق والظلم فليسوا بأهل له واحتجوا بقول الله عز وجل لإبراهيم * (إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) * [البقرة 124] ذهب إلى هذا طائفة من السلف الصالح واتبعهم بذلك خلف من الفضلاء والقراء والعلماء من أهل المدينة والعراق وبهذا خرج بن الزبير والحسين على يزيد وخرج خيار أهل العراق وعلمائهم على الحجاج ولهذا أخرج أهل المدينة بني أمية عنهم وقاموا عليهم فكانت الحرة وبهذه اللفظة وما كان مثلها في معناها مذهب تعلقت به طائفة من المعتزلة وهو مذهب جماعة الخوارج وأما جماعة أهل السنة وأئمتهم فقالوا هذا هو الاختيار أن يكون الإمام فاضلا عالما عدلا محسنا قويا على القيام كما يلزمه في الإمامة فإن لم يكن فالصبر على طاعة الإمام الجائر أولى من الخروج عليه لأن في منازعته والخروج عليه استبدال الأمن بالخوف وإراقة الدماء وانطلاق أيدي الدهماء وتبييت الغارات على المسلمين والفساد في الأرض وهذا أعظم من الصبر على جور الجائر روى عبد الرحمن بن هدي عن سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر قال قال بن عمر حين بويع ليزيد بن معاوية إن كان خير رضينا وإن كان بلاء صبرنا وقد ذكرنا في ((التمهيد)) آثارا كثيرة تشهد لهذا المعنى وبالله التوفيق
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»