الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ٤٥
قال أبو عمر من زاد في التلبية ما يجمل ويحسن من الذكر فلا بأس ومن اقتصر على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أفضل عندي ومعنى التلبية إجابة عباد الله عز وجل ربهم فيما فرض عليهم من حج بيته والإقامة على طاعته يقال منه قد ألب بالمكان إذا أقام به وقال الراجز (لب بأرض ما تخطاها الغنم *) وإلى هذا ذهب الخليل قال أبو عمر وقال جماعة من العلماء إن معنى التلبية إجابة إبراهيم عليه السلام حين أذن بالحج في الناس روى جرير عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن بن عباس قال لما فرغ إبراهيم من بناء البيت قيل له أذن في الناس بالحج قال رب وما يبلغ الصوت قال أذن وعلي البلاغ فنادى إبراهيم أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق قال فسمعه ما بين السماوات والأرض أفلا ترون الناس يجيؤون من أقطار الأرض يلبون وروى بن جريج عن مجاهد في قوله تعالى " وأذن في الناس بالحج الحج 27] قال قام إبراهيم على مقامه قال أيها الناس أجيبوا ربكم فقالوا اللهم لبيك فمن حج البيت فهو ممن أجاب إبراهيم يومئذ قال أبو عمر معنى لبيك اللهم لبيك أي إجابتي إليك إجابة بعد إجابة ومعنى قول بن عمر لبيك وسعديك أي أسعدنا سعادة بعد سعادة وإسعاد بعد إسعاد وقد قيل معنى وسعديك سعادة لك وكان ثعلب يقول إن بالكسر في قوله إن الحمد والنعمة لك أحب إلي لأن الذي يكسرها يذهب إلى أن الحمد والنعمة لك على كل حال والذي يفتح يذهب إلى أن المعنى لبيك إلى أن الحمد لك أي لبيك ولهذا السبب واستحب الجميع أن يكون ابتداء المحرم بالتلبية بأثر صلاة يصليها
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»