الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ٤٦
وكان مالك يستحب أن يبتدئ المحرم بالتلبية بإثر صلاة نافلة أقلها ركعتان وكره أن يحرم بإثر الفريضة دون نافلة فإن أحرم بإثر صلاة مكتوبة فلا حرج وقال غيره ويحرم بإثر نافلة أو فريضة من ميقاته إذا كانت صلاة يتنفل بعدها فإن كان في غير وقت صلاة لم يبرح حتى يحل وقت صلاة فيصلي ثم يحرم إذا استوت به راحلته وكان ممن يمشي فإذا خرج من المسجد أحرم وقال العلماء بتأويل القرآن في قوله (عز وجل) * فمن فرض فيهن الحج البقرة 197] قالوا الفرض التلبية قاله عطاء وطاوس وعكرمة وغيرهم وقال بن عباس الفرض الإهلال والإهلال التلبية وقال بن مسعود وبن الزبير الفرض الإحرام وهو كله معنى واحد وقالت عائشة لا إحرام إلا لمن أحرم ولبى وقال الثوري الفرض الإحرام والإحرام التلبية والتلبية في الحج مثل التكبير في الصلاة قال أبو عمر اللفظ بالتلبية في حين فرض الإحرام عند الثوري وأبي حنيفة ركن من أركان الحج والحج إليها مفتقر ولا تجزئ التلبية عنها عندهما إلا أن أبا حنيفة يجوز عنده سائر الوجوه من التهليل والتكبير والتسبيح عن التلبية كما يفعل في الإحرام بالصلاة ولم أجد عند الشافعي نصا في ذلك وأصوله تدل على أن التلبية ليست من أركان الحج عنده وهو قول الحسن بن حي وأوجب التلبية أهل الظاهر داود وغيره وقال الشافعي تكفي النية في الإحرام بالحج من أن يسمى حجا أو عمرة قال وإن لبى حجا أو عمرة لحجة يريد عمرة فهي عمرة وإن لبى بحج يريد عمرة فهي عمرة وإن لبى بحج يريد عمرة فهو حج وإن لبى ليس يريد حجا ولا عمرة فليس بحج ولا عمرة وإن لبى ينوي الإحرام ولا ينوي حجا ولا عمرة فله الخيار يجعله أيهما شاء وإن لبى وقد نوى أحدهما فنسي فهو قارن لا يجزئه غير ذلك هذا قول الشافعي قال أبو عمر ذكر إسماعيل بن إسحاق عن أبي ثابت قال قيل لابن
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»