وهذه الثلاثة الأقوال شذوذ صعبة عند فقهاء الأمصار لأنها لا أصل لها في الآثار ولا تصح في النظر واختلفوا في العبد يجاوز الميقات بغير نية إحرام ثم يحرم فقال مالك أيما عبد جاوز الميقات لم يأذن له سيده في الإحرام ثم أذن له بعد مجاوزته الميقات فأحرم فلا شيء عليه وهو قول الثوري والأوزاعي وقال أبو حنيفة عليه دم لتركه الميقات وكذلك إن أعتق اضطرب الشافعي في هذه المسألة فمرة قال في العبد عليه دم كما قال أبو حنيفة وقال في الكافر يجاوز الميقات ثم يسلم فلا شيء عليه قال مالك وكذلك في الصبي يجاوزه ثم يحتلم فلا شيء عليه وقال مرة أخرى لا شيء على العبد وعلى الصبي وعلى الكافر إذا أحرما من مكة ومرة قال عليهم بلادهم وهو تحصيل مذهبه قال أبو عمر الصحيح عندي في هذه المسألة أنه لا شيء على واحد منهم لأنه لم يحضر بالميقات مريدا للحج فإنما يجاوزه وهو غير قاصد إلى الحج ثم حدث له حال وقته بمكة فأحرم منها فصار كالمكي الذي لا حرم عليه عند الجميع وقال مالك من أفسد حجته فإنه يقضيها من حيث كان أحرم بالحجة الذي أفسد وهو قول الشافعي وهو عند أصحابهما على الاختيار واتفق مالك وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم والثوري وأبو ثور على أن من مر بالميقات لا يريد حجا ولا عمرة ثم بدا له الحج والعمرة وهو قد جاوز الميقات أنه يحرم من الموضع الذي بدا له منه في الحج ولا يرجع إلى الميقات ولا شيء عليه وقال أحمد وإسحاق يرجع إلى الميقات ويحرم منه وأما حديثه عن نافع عن بن عمر أنه أهل من الفرع فمجملة عند أهل العلم أنه مر بالميقات لا يريد إحراما ثم بدا له فأهل منه أو جاء إلى الفرع من مكة وغيرها ثم بدا له في الإحرام هكذا ذكر الشافعي وغيره في معنى حديث بن عمر هذا
(٤٢)