الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ٢٨٤
فكان علقمة بن قيس وعامر الشعبي وإبراهيم النخعي والحسن البصري وروي ذلك عن بن الزبير وهو قول الأوزاعي أنهم قالوا من لم يزل بالمزدلفة وفاته الوقوف بها فقد فاته الحج ويجعلها عمرة وروي عن الثوري مثل ذلك والأصح عنه أن الوقوف بها سنة مؤكدة وقال حماد بن أبي سليمان من فاتته الإفاضة من جمع فقد فاته الحج فليحل بعمرة ثم ليحج قابلا وحجة من قال بهذا القول ظاهر قول الله (عز وجل) * (فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام) * [البقرة 198] وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدرك جمعا وكان قد أدرك قبل ذلك عرفات فقد أدرك وقال مالك والثوري وأبو حنيفة والشافعي وأبو ثور وأحمد وإسحاق الوقوف بالمزدلفة من سنن الحج المؤكدة وليس من فروضها وتفصيل أقوالهم في ذلك أن مالكا قال من لم ينخ بالمزدلفة ولم ينزل فيها وتقدم إلى منى ورمى الجمرة فإنه يهريق دما فإن نزل بها ثم دفع منها في أول الليل أو وسطه أو آخره وترك الوقوف مع الإمام فقد أجزأ ولا دم عليه وقال الثوري من لم يقف بجمع ولم ينزل منها ليلة النحر فعليه دم وهو قول عطاء في رواية وقول الزهري وقتادة وبه قال أحمد وإسحاق وأبو ثور وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد إذا ترك الوقوف بالمزدلفة فلم يقف بها ولم يمر بها ولم يبت بها فعليه دم قالوا وإن بات بها وتعجل في الليل رجع إذا كان خروجه من غير عذر حتى يقف مع الإمام أو يصبح بها فإن لم يفعل فعليه دم قالوا وإن كان مريضا أو ضعيفا أو غلاما صغيرا فتقدموا بالليل من المزدلفة فلا شيء عليهم وقال الشافعي إن نزل بالمزدلفة وخرج منها بعد نصف الليل فلا شيء عليه وإن خرج قبل نصف الليل ولم يعد إليها ليقف بها مع الإمام ولم يصبح فعليه شاه قال وإنما حددنا نصف الليل لأنه بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لضعفه أهله أن يرحلوا من آخر الليل ورخص لهم في أن لا يصبحوا بها ولا يقفوا مع الإمام
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»