ومعلوم أن النحر في العمرة بمكة وفي الحج بمنى وهما جميعا حرم فالحرم كله منحر عندهم وفي العتبية ليحيى بن يحيى عن بن وهب مثل قول مالك في موطئه أن الإطعام كالصيام يجوز بغير مكة وفي الأسدية لابن القاسم عن مالك قال لا يطعم إلا في الموضع الذي أصاب فيه الصيد قال أبو عمر هذا خلاف الجمهور ولا وجه له 833 - مالك عن يحيى بن سعيد عن يعقوب بن خالد المخزومي عن أبي أسماء مولى عبد الله بن جعفر أنه أخبره أنه كان مع عبد الله بن جعفر فخرج معه من المدينة فمروا على حسين بن علي وهو مريض بالسقيا فأقام عليه عبد الله بن جعفر حتى إذا خاف الفوات خرج وبعث إلى علي بن أبي طالب وأسماء بنت عميس وهما بالمدينة فقدما عليه ثم إن حسينا أشار إلى رأسه فأمر علي برأسه فحلق ثم نسك عنه بالسقيا فنحر عنه بعيرا قال يحيى بن سعيد وكان حسين خرج مع عثمان بن عفان في سفره ذلك إلى مكة قال أبو عمر في هذا الحديث دليل على صحة ما ذهب إليه مالك في أن من كان عليه من الدماء في فديه الأذى لمن اختار النسك في ذلك دون الإطعام والصيام جائز أن يذبح ذلك النسك بغير مكة وأما نحر علي عن حسين ابنه (رضي الله عنهما) في حلقه رأسه بعيرا فذلك أفضل ما يفعل في ذلك والشاة كانت تجزيه كما قال النبي (عليه السلام) لكعب بن عجرة وانسك بشاة وفي ترك عبد الله بن جعفر لحسين مريضا دليل على أنه خاف فوت الحج وكذلك تركه وأيقن أن أباه سيلحقه فلحقه أبوه مع امرأته لأن النساء ألطف بتمريض المرضى وكانت أسماء بنت عميس كأمه زوجة لأبيه فلذلك أتى بها علي أبوه (رضي الله عنهما) لتمرضه وفي هذا الحديث دليل على أن الأخرس وغير الأخرس في تتبع الكلام سواء إذا فهمت إشارته قامت مقام كلامه لو تكلم والله أعلم
(٢٧٣)