الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ٢٨٨
من فاته الحج إذا لم يدرك الوقوف بعرفة قبل طلوع الفجر من ليلة المزدلفة ويكون على العبد حجة الإسلام يقضيها قال أبو عمر لم يذكر يحيى عن مالك في الموطأ الصبي يحرم مراهقا ثم يحتلم وهو ذلك عندهم حكم العبد سواء واختلف الفقهاء في الصبي المراهق والعبد يحرمان بالحج ثم يحتلم هذا ويعتق هذا قبل الوقوف بعرفة فقال مالك وأصحابه برفض تجديد الإحرام ويتماديان على إحرامهما ولا يجزيهما حجهما ذلك عن حجة الإسلام وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا أحرم الصبي والعبد بالحج فبلغ الصبي وعتق العبد قبل الوقوف بعرفة أنهما يستأنفان الإحرام ويجزيهما عن حجة الإسلام وعلى العبد دم لتركه الميقات وليس على الصبي دم وقال الشافعي إذا أحرم الصبي ثم بلغ قبل الوقوف بعرفة فوقف بها محرما أجزاه من حجة الإسلام وكذلك العبد إذا أحرم ثم عتق قبل الوقوف بعرفة فوقف بها محرما أجزاه من حجة الإسلام ولم يحتج إلى تجديد إحرام واحد منهما قال ولو أعتق العبد بمزدلفة أو بلغ الصبي بها فرجعا إلى عرفة بعد العتق والبلوغ فأدركا بها قبل طلوع الفجر جزت عنهما من حجة الإسلام ولم يكن عليهما دم ولو احتاطا فأهرقا كان أحب إلي قال وليس ذلك بالبين عندي قال أبو عمر قال بهذه الأقوال الثلاثة جماعة من التابعين وفقهاء المسلمين وحجة مالك أمر الله (عز وجل) كل من دخل في حج أو عمرة فإتمامه حجة تطوعا كان أو فرضا لقوله (عز وجل) * (وأتموا الحج والعمرة لله) * [البقرة 196] ومن رفض إحرامه فلم يتم حجه ولا عمرته وحجة أبي حنيفة أن الحج الذي كان فيه لما لم يكن يجزئ عنه ولم يكن الفرض لازما له حين أحرم به ثم لزمه حين بلغ استحال أن يشتغل عن فرض قد تعين عليه بنافلة ويعطل فرضه كمن دخل في نافلة فقامت عليه المكتوبة فخشي فوتها قطع النافلة ودخل في المكتوبة فأحرم لها وكذلك الحج عنده يلزمه أن يجدد الإحرام له لأنه لم يكن للفريضة وإنما وجب على العبد لأنه مكلف يلزمه العبادات ويجزيه حجه عند بعض الناس
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»