الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ٢٨٥
والفرض على الضعيف والقوي سواء ولكنه ناظر لموضع الفضل وتعليم الناس وقدم ضعفة أهله لأنه كان مباحا لهم قال وما كان من نصف الليل فهو من آخر الليل وروي عن عطاء أنه إن لم ينزل بجمع فعليه دم وإن نزل بها ثم ارتحل بليل فلا شيء عليه رواه عنه بن جريج وهو الصحيح عنه وكان عبد الله بن عمر يقول إنما جمع منزل تذبح فيه إذا جئت قال أبو عمر لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عروة بن مضرس من أدرك معنا هذه الصلاة يعني صلاة الصبح بجمع وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قدم ضعفة أهله ليلا ولم يشهدوا معه تلك الصلاة ودل على أنه موضع الاختيار وقد أجمعوا على أن من وقف بالمزدلفة ليلا ودفع منها قبل الصبح أن حجة تام وكذلك من بات بها ونام عن الصلاة فلم يصلها مع الإمام حتى فاتته أن حجة تام فلو كان حضور الصلاة معه (عليه السلام) من صلب الحج وفرائضه ما أجزاه فلم يبق إلا أن مشاهدة الصلاة بجمع سنة حسنة وسنن الحج تجبر بالدم إذا لم يفعلها من عليه فعلها وأما احتجاجهم بقول الله (عز وجل) * (فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام) * [البقرة 198] وقولهم إن هذه الآية تدل على أن عرفات والمزدلفة جميعا من فروض الحج فليس بشيء لأن الإجماع منعقد على أنه لو وقف بالمزدلفة أو بات فيها بعض الليل ولم يذكر الله على أن حجة تام فدل على أن الذكر بها مندوب إليه وإذا لم يكن الذكر المنصوص عليه من أيام الحج فالمبيت والوقوف أحرى بذلك إن شاء الله واختلف الفقهاء في الذي يقف بعرفة مغمى عليه فقال مالك إذا أحرم ثم أغمي عليه ووقف به مغمى عليه فحجه تام ولا دم عليه وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وقال الشافعي وأبو ثور وأحمد وإسحاق من وقف بها مغمى عليه فقد فاته الحج قال الشافعي عمل الحج ثلاثة أشياء أن يحرم وهو يعقل ويدخل عرفة في
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»