الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ٢١١
وردت السنة بذلك في الحائض التي قد أفاضت وسيأتي ذلك في بابه من هذا الكتاب إن شاء الله (عز وجل) وسنذكر هناك من رخص للحائض في ذلك من العلماء اتباعا للسنة التي بلغته فيها ومن لم يرخص لها لما غاب عنه في ذلك قال بن وهب قال لي مالك في قول عمر بن الخطاب آخر النسك الطواف بالبيت قال ذلك الأمر المعمول به الذي لا ينبغي لأحد تركه إلا من عذر وذلك لمن كان بمنى فمن أراد الصدر فأما من رجع إلى مكة بإفاضة فإن له سعة أن يخرج وإن لم يطف بالبيت إذا أفاض قال أبو عمر هو قول عطاء ذكر بن جريج عن عطاء قال إذا أخرت طوافك إلى أن تجيء يوم الصدر أجزاك لزيارتك وصدرك - يعني الوداع قال الثوري من نسي فخرج ولم يودع رجع إن ذكر في الحرم فطاف وإن كان قد خرج من الحرم لم يرجع ويمضي وأهراق دما وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وأوصى سفيان الثوري عند موته أن يهراق عنه دم لأنه خرج مرة بغير وداع واختلفوا فيمن طاف طواف الوداع ثم بدا له في شراء حوائج من السوق ونحو ذلك فقال عطاء إذا لم يبق إلا الركوب والنهوض فحينئذ يودع وإنما هو عمل يختم به وبه قال الشافعي والثوري وأحمد وأبو ثور وقال الشافعي إذا اشترى في بعض جهازه وطعامه وحوائجه في السوق بعد الوداع وقال أبو حنيفة وأصحابه أحب إلينا أن يكون طوافه حين يخرج فلو ودع البيت ثم أقام شهرا أو أكثر أجزاه ذلك ولم يكن عليه إعادة قال أبو عمر هذا خلاف قول عمر (رضي الله عنه) فليكن آخر عهده الطواف بالبيت واختلفوا في المعتمر الخارج إلى التنعيم هل يودع فقال مالك والشافعي ليس عليه وداع وقال الثوري إن لم يودع فعليه دم قال أبو عمر قول مالك أقيس لأنه راجع في عمرته إلى البيت وليس بناهض إلى بلده
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»