الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ١٨٣
فأما من كان بينه وبين المسجد الحرام ما لا تقصر في مثله الصلاة فإنه يحضر المشاهد لقرب المسافة قال وقد عارض مالك الزهري بمعارضة غير صحيحة فقال أرأيت إن كانت امرأة تطلق أو بطن متحرق قال وهذا لا تقع عليه الإباحة لأن الإباحة لا تقع إلا لمن في طاقته فعل الشيء الذي أبيح له أن يفعله فأما من ليس في طاقته فعل ذلك الشيء فإنه لا تقع الإباحة لمثله والقول في هذه الآية قول عروة والزهري قال عروة في الرجل إذا أحصر بكسر أو لدغ فامتنع من المصير حتى يفوت وقت الحج أنه إن شاء بعث بهدي فيحل له حلق رأسه ولبس ثيابه وما كان في معناهما ويبقى محرما من النساء حتى يصل إلى الكعبة متى وصل ويطوف ويسعى ويحل ويكون عليه حج قابل والهدي قال فعلى قول عروة الهدي الأول غير الثاني لأن الأول يتحلل به في حلاق الشعر وإلقاء التفث والهدي الثاني قوله تعالى * (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي) * [البقرة 196] قال والمعنى إن أحصرتم فأردتم أن تحلقوا رؤوسكم قبل أن يبلغ الهدي محله فعليكم ما استيسر من الهدي * (فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي) * [البقرة 196] فهذا هدي ثان لأن الهدي الأول للمتمتع بالحلاق وما كان مثله قال وقال مالك الهدي الأول هو الثاني ثم احتج بذلك فطال قال أبو عمر ظاهر الكتاب يشهد لما قاله مالك ومن تابعه بأنه هدي واحد على المحصر قال الله تعالى * (وأتموا الحج والعمرة لله) * [البقرة 196] فأجمع العلماء على أن تمام الحج الوقوف بعرفة والطواف بالبيت طواف الإفاضة وفي العمرة الدخول من الحل إلى البيت للطواف به والسعي بين الصفا والمروة ولا يحل ولا يتم حجه ولا عمرته إلا بما وصفنا وإن كانوا قد اختلفوا في هذه الآية في معان قد ذكرناها والحمد لله قال وإن أحصر متمتع من الوصول في الحج إلى عرفة في الفترة من الوصول إلى الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة فعلى من منع من الوصول إلى ما
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»