الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ١٧١
واتفق مالك والشافعي أن المحصر بعدو ينحر هديه حيث حبس وصد ومنع في الحل كان أو في الحرم وخالفهما أبو حنيفة وأهل الكوفة وسنذكره بعد واختلف في نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية هل كان في الحل أو الحرم فكان عطاء يقول لم ينحر رسول الله صلى الله عليه وسلم هديه يوم الحديبية إلا في الحرم وهو قول بن إسحاق وقال غيره من أصحاب المغازي وغيرهم لم ينحر رسول الله صلى الله عليه وسلم هديه يوم الحديبية إلا في الحل وهو قول الشافعي واحتج بقول الله (عز وجل) * (هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله) * [الفتح 25] وذكر يعقوب بن سفيان الفسوي قال بن أبي أويس عن مجمع بن يعقوب عن أبيه قال لما حبس رسول الله وأصحابه نحروا بالحديبية وحلقوا فبعث الله تعالى ريحا عاصفا فحملت شعورهم فألقتها في الحرم وهذا يبين أنهم حلقوا بالحل قال أبو عمر قوله (عز وجل) في يوم الحديبية * (ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله) * [البقرة 196] يعني حتى تنحروا ومحله هذا نحره وأما قوله في البدن * (ثم محلها إلى البيت العتيق) * [الحج 33] فهذا لمن لم يمنع من دخول مكة ومكة كلها ومنى مسجد لمن قدر على الوصول إليها وليس البيت بموضع النحر وقال أبو حنيفة على المحصر [أن] يقدم الهدي ولا يجوز له أن ينحره إلا في الحرم وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري وأكثر أهل العراق الإحصار بالمرض والإحصار بعدو سواء وتبيين مذهبهم في ذلك في الباب بعد هذا إن شاء الله وقال مالك والشافعي لا حصر إلا حصر العدو وهو قول بن عباس يريدون أن حصر العدو لا يشبهه حصر المرض ولا غيره لأنه من حصر بالعدو
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»