الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ١٨٧
بطائر أعظم من النسر أسود الظهر أبيض البطن والرحلين فغرز مخالبه في قفا الحية فانطلق بها تجر ذنبها أعظم من كذا وكذا حتى انطلق بها نحو أجياد فهدمتها قريش وجعلوا يبنونها بالحجارة حجارة الوادي تحملها قريش على رقابها فرفعوها في السماء عشرين ذراعا فبينا النبي صلى الله عليه وسلم يحمل حجارة من أجياد وعليه نمرة ضاقت عليه النمرة فذهب يضع النمرة على عاتقه فترى عورته من صغر النمرة فنودي يا محمد خمر عورتك فلم ير عريانا بعد ذلك وكان بين بنيان الكعبة وبين ما أنزل عليه خمس سنين وبين مخرجه من مكة وبنيانها خمس عشرة سنة فلما جيش الحصين بن نمير فذكر حريقها في زمن بن الزبير فقال بن الزبير إن عائشة أخبرتني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لولا حداثة قومك بالكفر لهدمت الكعبة فإنهم تركوا منها سبعة أذرع في الحجر ضاقت بهم النفقة والخشب قال بن خثيم فأخبرني بن أبي مليكة عن عائشة أنها سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت وقال النبي (عليه السلام) وجعلت له بابين شرقيا وغربيا يزحفون من هذا ويخرجون من هذا ففعل ذلك بن الزبير وكانت قريش قد جعلت لها درجا يرقى عليها من يأتيها فجعلها بن الزبير لاصقة بالأرض قال بن خثيم وأخبرني بن سابط أن زيدا أخبره أنه لما بناها بن الزبير كشفوا عن القواعد فإذا الحجر مثل الخلقة والحجارة مشتبكة بعضها ببعض إذا حركت بالعتلة تحرك الذي بالناحية الأخرى قال بن سابط فأراني ذلك ليلا بعد العشاء في ليلة مقمرة فرأيتها أمثال الخلف متشبكة أطراف بعضها ببعض قال معمر وأخبرني الزهري قال لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الحلم أجمرت امرأة الكعبة فطارت شرارة من مجمرها في ثياب الكعبة فاحترقت فتشاورت قريش في هدمها وهابوا هدمها فقال لهم الوليد بن المغيرة ما تريدون بهذا الإصلاح أم الفساد فقالوا الإصلاح قال فإن الله تعالى لا يهلك المصلح قالوا فمن الذي يعلوها قال الوليد بن المغيرة أنا أعلوها فأهدمها فارتقى الوليد بن المغيرة على
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»