قال بن الزبير والاستطاعة القوة وقال عكرمة الاستطاعة الصحة وقال أشهب قيل لمالك الاستطاعة الزاد والراحلة قال لا والله وما ذاك إلا على قدر طاقة الناس فرب رجل يجد زادا وراحلة ولا يقدر على المسير وآخر يقوى يمشي على راحلته وإنما هو كما قال الله (عز وجل) * (من استطاع إليه سبيلا) * قال أبو عمر وذهب آخرون إلى أن الاستطاعة تكون في البدن والقدرة وتكون أيضا بالمال لمن لم يستطع ببدنه واستدلوا بهذا الحديث وما كان مثله وممن قال بذلك الشافعي وأبو حنيفة والثوري وأحمد وإسحاق وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس وسعيد بن جبير والحسن وعمرو بن دينار والسدي كلهم وجماعة سواهم يقولون السبيل الزاد والراحلة وهذا يدل على أن فرض الحج على البدن والمال وروي عن النبي (عليه السلام) أنه قال السبيل الزاد والراحلة من وجوه منها مرسلة ومنها ضعيفة والاستطاعة في لسان العرب تكون بالمال وتكون بالبدن وتقول العرب أنا أستطيع أن أبني داري يعني بماله وكذلك سائرها يشبهه ذلك والاحتجاج لكلا الفريقين يطول وليس هنا مما قصد به إلى ذلك وقد أوضحنا أصول ذلك في التمهيد وأما اختلافهم في المعضوب الذي لا يستطيع أن يثبت على الراحلة لكبر أو لضعف أو لزمانة فقال مالك لا حج على من هذه حاله وإن كان واجدا لما يبلغه الحج من ماله وقال أبو حنيفة والشافعي هو مستطيع إذا وجد من يحج عنه بمال أو بغير مال
(١٦٥)