بالحياة للموت وللشقاء والسعادة إلى ما يصيرون إليه عند البلوغ من ميولهم عن آبائهم واعتقادهم ما لا بد من مصيرهم إليه قالوا والفطرة في كلام العرب البدأة والفاطر المبدئ والمبتدئ فكأنه قال صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على ما ابتدأه الله عليه من الشقاء والسعادة مما يصير إليه وذكروا عن بن عباس قال لم أكن أدري ما * (فاطر السماوات والأرض) * [فاطر 1] حتى أتانا أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما أنا فطرتها أي ابتدأتها واحتجوا بقول الله (عز وجل) * (كما بدأكم تعودون فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة) * [الأعراف 29 30] وذكروا ما يروى عن علي بن أبي طالب في بعض دعائه اللهم جبار القلوب على فطرتها شقيها وسعيدها قال أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي وهذا المذهب شبيه بما حكاه أبو عبيد في قوله عن عبد الله بن المبارك في قوله كل مولود يولد على الفطرة أنه قال يفسره آخر الحديث حين سئل عن أولاد المشركين فقال الله أعلم بما كانوا عاملين قال المروزي قد كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا القول ثم تركه قال أبو عمر ما رسمه مالك في الموطأ وذكره في أبواب القدر منه يدل على أن مذهبه نحو ذلك والله أعلم وقد ذكرنا في التمهيد عن سعيد بن جبير عن محمد بن كعب القرظي ومجاهد وغيرهم في قول الله (عز وجل) * (كما بدأكم تعودون فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة) * [الأعراف 29 30] قالوا شقيا وسعيدا وقال بعضهم يبعث المسلم مسلما والكافر كافرا وقال الربيع بن أنس عن أبي العالية " كما بدأكم تعودون [الأعراف 29] قالوا عادوا إلى علمه فيهم " فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة " [الأعراف 30] وقال محمد بن كعب من ابتدأ الله خلقه للضلالة سيره إلى الضلالة وإن عمل بأعمال الهدى ومن ابتدأ الله (عز وجل " خلقه على الهدى سيره إلى الهدى وإن عمل بأعمال أهل الضلالة ابتدأ خلق إبليس على الضلالة وعمل بعمل السعداء مع الملائكة ثم رده الله إلى ما ابتدأ عليه خلقه من الضلالة
(١٠٥)