الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ٣٠٤
فإن قال قائل ممن يميل إلى قول أهل الظاهر في هذه المسألة قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ليس من البر الصيام في السفر وما لم يكن من البر فهو من الإثم يذكر ذلك أن صوم رمضان لا يجزئ في السفر فالجواب أن هذا الحديث خرج لفظه على بعض معين وهو رجل رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم قد ظلل عليه وهو يجود بنفسه فقال ذلك القول أي ليس البر أن يبلغ الإنسان بنفسه هذا المبلغ والله قد رخص له في الفطر حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن الجهم ومحمد بن أبي العوام قالا حدثنا روح بن عبادة قال حدثنا شعبة عن محمد بن عبد الرحمن عن محمد بن عمرو بن حسن عن جابر بن عبد الله قال كان نبي الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه فقال ما هذا فقالوا صائم فقال ليس من البر أن تصوموا في السفر قال أبو عمر يعني إذا بلغ الصوم من أحدكم هذا المبلغ - والله أعلم - قال أبو عمر الدليل على صحة هذا التأويل صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر ولو كان الصوم في السفر إثما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبعد الناس منه ويحتمل قوله - عليه السلام - ليس من البر الصيام في السفر هو أبر البر لأنه قد يكون الإفطار أبر منه إذا كان في حج أو جهاد ليقوى عليه وقد يكون الفطر في السفر المباح برا لأن الله تعالى أباحه وقوله ليس من البر وليس البر سواء إلا أن العرب تقول ما جاءني من أحد تريد ما جاءني أحد ونظير هذا من كلامه صلى الله عليه وسلم ليس المسكين بالطواف الذي ترده التمرة والتمرتان قيل فمن المسكين قال الذي سئل ولا عليه (1) وقالت عائشة إن المسكين ليقف على بابي (2) الحديث
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»