الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ٣٠٥
ومعلوم أن الطواف مسكين وأنه من أهل الصدقة لقوله عز وجل * (إنما الصدقات للفقراء والمساكين) * [التوبة 60] وأجمعوا أن الطواف منهم فعلم أن قوله - عليه السلام - ليس المسكين بالطواف معناه ليس السائل بأشد الناس مسكنة لأن المتعفف الذي لا يسأل الناس أشد مسكنة منه وكذلك قوله - عليه السلام - ليس من البر الصيام في السفر لأن الفطر فيه بر أيضا لمن شاء أن يأخذ برخصة الله تعالى وقد قال صلى الله عليه وسلم إذا وقف المسكين على باب أحدكم فليبره ولو بتمرة فأما من احتج بقوله تعالى * (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) * [البقرة 185] وزعم أن ذلك عزمة فلا دليل على ذلك لأن ظاهر الكلام وسياقه يدل على الرخصة والتخيير والدليل على ذلك قوله تعالى * (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) * [البقرة 185] ودليل آخر أن المريض الحامل على نفسه إذا صام فإن ذلك يجزئ عنه فدل ذلك أنه رخصة له والمسافر في المعنى مثله والله الموفق للصواب وأما حديث حمزة بن عمرو فإن يحيى رواه عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن حمزة بن عمرو وسائر أصحاب مالك رواه عن هشام عن أبيه عن عائشة كذلك رواه جماعة عن هشام منهم حماد بن سلمة وبن عيينة ومحمد بن عجلان ويحيى القطان وبن نمير وأبو أسامة ووكيع وأبو معاوية والليث بن سعد وأبو حمزة وأبو إسحاق الفزاري كلهم ذكروا فيه عائشة ورواه أبو معشر المدني وجرير بن عبد الحميد والمفضل بن فضالة عن هشام عن أبيه أن حمزة بن عمرو كما رواه يحيى عن مالك ورواه بن وهب عن عمرو بن الحارث عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير عن أبي مراوح عن حمزة بن عمر وأبو الأسود ثبت في عروة وقد خالف هشاما فجعل الحديث عن عروة عن أبي مراوح عن حمزة بن عمرو وعن عروة عن عائشة ورواية أبي الأسود تدل أن رواية يحيى ليست بخطأ
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»