الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ٣٠٠
روي معنى ذلك عن عمر وبن عمر وأبي هريرة وعبد الرحمن بن عوف وبن عباس على اختلاف عنه وعن الحسن البصري مثله وبه قال قوم من أهل الظاهر وأحاديث هذا الباب تدفع هذا القول وتقضي بجواز الصوم للمسافر إن شاء وأنه مخير إن شاء صام وإن شاء أفطر لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام في السفر وأفطر وعلى التخيير في الصوم أو الفطر للمسافر جمهور العلماء وجماعة فقهاء الأمصار وفيه أيضا رد لقول علي - رضوان الله عليه - أنه من استهل عليه رمضان مقيما ثم سافر أنه ليس له أن يفطر لقول الله تعالى * (فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) * [البقرة 185] والمعنى عندهم من أدركه رمضان مسافرا أفطر وعليه عدة من أيام أخر ومن أدركه حاضرا فليصمه روى حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين عن عبيدة عن علي بن أبي طالب - رضوان الله عليه - قال من أدركه رمضان وهو مقيم ثم سافر لزمه الصوم لأن الله تعالى يقول * (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) * [البقرة 185] وبه قال عبيدة وسويد بن غفلة وأبو مجلز كذا قال أبو مجلز لا يسافر أحد في رمضان فإن سافر ولا بد فليصم وقوله مردود لسفر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان وإفطاره فيه واختلف العلماء في فطر رسول الله صلى الله عليه وسلم المذكور في هذا الحديث فقال قوم معناه أنه أصبح مفطرا فقدم الفطر في ليلة فتمادى عليه في سفره وهذا جائز للمسافر بإجماع الأمة إن اختار الفطر إن بيته في سفره وقال آخرون معناه أنه أفطر في نهاره بعد أن مضى صدر منه وأن الصائم جائز له أن يفعل ذلك في سفره واحتجوا بما حدثنا أحمد بن قاسم وعبد الوارث بن سفيان قالا حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال حدثنا روح بن عبادة قال حدثنا حماد عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سافر في رمضان فاشتد الصوم على رجل من أصحابه فجعلت ناقته تهيم به تحت الشجر فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأمره فدعا لبنا فلما رآه الناس على يده أفطروا
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»