الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ٣٠٨
وقال بن حبيب إن كان قد تأهب لسفره وأخذ في سبب الحركة فلا شيء عليه وحكي ذلك عن أصبغ وبن الماجشون فإن عاقه عن السفر عائق كان عليه الكفارة قال أبو عمر هذا ضعف من الذي قاله لأنه إن كانت حركته لسفر وتأهبه يبيح له الفطر وحكمه في ذلك حكم المسافر وقد وقع أكله مباحا وعذره قائم بالعائق المانع فلا وجه للكفارة هنا ولا معنى وروى عيسى عن بن القاسم أنه لا كفارة عليه لأنه متأول في فطره قال أبو عمر هذا أصح أقاويلهم في هذه المسألة لأنه غير منتهك لحرمة الصوم وإنما هو متأول ولو كان الأكل مع نية السفر يوجب عليه الكفارة لأنه كان قبل خروجه ما أسقطها عنه خروجه وتأمل ذلك تجده كذلك إن شاء الله وقد روى إسماعيل بن إسحاق القاضي قال حدثنا عيسى بن ميناء قالون قال حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير عن زيد بن أسلم عن بن المنكدر عن محمد بن كعب قال أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد سفرا فأكل فقلت له سنة فلا أحسبه إلا قال نعم قال وحدثنا علي بن المديني قال حدثنا أبي عن زيد بن أسلم بإسناده مثله وقال قلت له سنة قال نعم ثم ركب قال وحدثنا به علي بن المديني وإبراهيم بن قرة عن الدراوردي عن زيد بن أسلم بإسناده وقال فيه قلت له سنة قال لا ثم ركب واتفقوا في الذي يريد السفر في رمضان أنه لا يجوز له أن يبيت الفطر لأن المسافر لا يكون مسافرا بالنية وإنما يكون مسافرا بالنهوض في سفره أو الأخذ في أهبته وليست النية في السفر كالنية في الإقامة لأن المسافر إذا نوى الإقامة كان مقيما في الحين لأن الإقامة لا تفتقر إلى عمل والمقيم إذا نوى السفر لم يكن مسافرا حتى يأخذ في سفره ويبرز عن الحضر فيجوز له حينئذ تقصير الصلاة وأحكام المسافر إلا من جعل تأهبه للسفر وعمله فيه كالسفر والبروز عن الحضر لزمه أن لا يجب عليه في أكله قبل خروجه وقد أجمعوا أنه لو مشى في سفره حتى تغيب بيوت القرية والمصر فنزل فأكل ثم عاقه عائق عن النهوض في ذلك السفر لم تلزمه كفارة
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»