الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ٢٥٧
وقد روي عنه أنه قال لا يشتريها وذكر بن عبد الحكم عن مالك من حمل على فرس فباعه الذي حمل عليه فوجده الحامل في يد المشتري فلا يشتره أبدا وكذلك الدراهم والثوب وقال عنه في موضع آخر من كتابه من حمل على فرس فباعه ثم وجده الحامل في يد الذي اشتراه فترك شرائه أفضل قال أبو عمر كره مالك والليث والحسن بن حي والشافعي شراء الصدقة لمن تصدق بها فإن اشترى أحد صدقته لم يفسخوا العقد ولم يردوا البيع ورأوا له التنزه عنها وكذلك قولهم في شراء الإنسان ما يخرجه في كفارة اليمين مثل الصدقة سواء وإنما كرهوا شراءها لهذا الحديث ولم يفسخوا البيع لأنها راجعة إليه بغير ذلك المعنى وقد بدا ذلك في قصة هدية بريرة بما تصدق به عليها من اللحم (1) وقال أهل الظاهر يفسخ البيع في مثل هذا لأنه طابق النهي ففسر بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم لا تشتره ولا تعد في صدقتك ولم يختلفوا أنه من تصدق بصدقة ثم رزقها أنها حلال له رواه بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال قد وجب أجرك ورجعت إليك بالميراث (2) ويحتمل حديث هذا الباب أن يكون على وجه التنزه للرواية أن بيع الصدقة قبل إخراجها أو تكون موقوفا على التطوع في التنزه عن شرائها وقال أبو جعفر الطحاوي المصير إلى حديث عمر في الفرس أولى من قول من أباح شراء صدقته قال أبو عمر استدل من أجاز للمتصدق به بعد قبض المتصدق عليه له على أن نعيه عن شرائه على التنزه لا على التحريم بقوله صلى الله عليه وسلم في الخمسة الذين تحل لهم
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»