الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ٢٥٩
وقال الثوري وسائر الكوفيين عليه أن يؤدي زكاة الفطر عن عبده الكافر وهو قول عطاء ومجاهد وسعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز والنخعي وروي ذلك عن أبي هريرة وبن عمر ولا يصح - والله أعلم - عندي عن بن عمر لأن الذي يروي مالك عن نافع عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فرض زكاة الفطر على الحر والعبد على الذكر والأنثى من المسلمين (1) فكيف يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا ويوجب زكاة الفطر عن الكافر هذا يبعد إلا أن قول مالك في هذا الحديث من المسلمين قد خالفه فيه غيره من حفاظ حديث نافع وسنذكر ذلك عند ذكر مالك لهذا الحديث في أول باب مكيلة زكاة الفطر إن شاء الله واحتج الطحاوي للكوفيين في إجازة زكاة الفطر على العبد الكافر بأن قوله (عليه السلام) من المسلمين يعني من تلزمه إخراج الزكاة عن نفسه وعن غيره ولا يكون إلا مسلما فأما العبد فلا يدخل في هذا الحديث لأنه لا يملك شيئا ولا يقضي عليه شيء وإنما أريد بالحديث ملك العبد فأما العبد فلا حرمة في نفسه لزكاة الفطر ألا ترى إلى إجماع العلماء في العبد يعتق قبل أن يؤدي عنه سيده زكاة الفطر أنه لا تلزمه إذا ملك بعد ذلك مالا إخراجها عن نفسه كما يلزمه إخراج كفارة ما حنث فيه من الأيمان فهو عند رأيه لا يكفرها بصيام ولو لزمته صدقة الفطر لأداها عن نفسه بعد عتقه قال أبو عمر قوله (عليه السلام) من المسلمين يقضي لمالك والشافعي وهذا القضاء أيضا لأنها طهرة للمسلم وتزكية وهو سبيل الواجبات من الصدقات والكافر لا يتزكى فلا وجه لأدائها عنه أخبرنا أحمد بن محمد حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا مطرف بن عبد الرحمن حدثنا يحيى بن بكير عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر من المسلمين وأخبرنا عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا بكر بن حماد
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»